مازن صاحب
يكثر الحديث عن الحلول الاقتصادية لازمة العراق، كما يفعل كثير من خبراء البرامج التلفازية الحوارية اليوم بالحديث عن كل شيء ومنها ازمة المياه حتى بات العراق مهددا بالجفاف!
لماذا ثورة الجياع، ولماذا عام 2020 تحديدا، الجواب بكلمات بسيطة ان الحكومات العراقية منذ مجلس الحكم العتيد ذهبت الى نادي باريس لتسوية ديون حروب نظام صدام التي يطلق عليها وصف ” الديون الكريهة” وكانت بحدود 140 مليار دولار، وتمت التسوية بتخفيضها مقابل وصفة لتحويل النظام الاقتصادي العراقي من نظام السوق المملوك للدولة الى نظام السوق المفتوح، لكن فورة أسعار النفط خلال حوالي العقد ما بين 2005 حتى 2013، لم توظف من قبل الحكومات العراقية لإحداث هذا التحول المنشود، بل لم تستطع الحكومات المتعاقبة الخروج من معضلة مفاسد المحاصصة، وانتهى الامر بعد انهيار أسعار النفط الى تجاوز ديون العراق الخط الأحمر وفقا لمؤشرات صندوق النقد الدولي وهي اليوم بحدود 135 مليار دولار يدفع عنها خدمة دين بحدود 10 مليارات دولار سنويا، وهناك حقوقا للشركات النفطية التي اتفق معها فيما عرف بعقود المشاركة على نسبة أرباح مقطوعة من قيمة برميل النفط المنتج وليس من نسبة السعر وتصل هذه النسبة في بعض العقود الى 20 دولاراً عن كل برميل، فيما سعر برميل النفط مهدد بالانهيار التام عام 2020 نتيجة اتساع انتاج السيارات الكهربائية، بنسبة 60 بالمئة من الاستهلاك في الدول المتقدمة والنامية، واحتمالات توقف الولايات المتحدة والصين واليابان والنمور الاسيوية عن استيراد النفط بشكل تدريجي حتى التوقف الكلي عنه خلال 5-10 أعوام ما بعد عام 2020 وبذلك لن يكون لسعر برميل النفط قيمة تذكر!
وتشير دراسات وكالة الطاقة العالمية إلى أن الإنتاج النفطي العالمي يبلغ ذروته ما بين أعوام 2010 و2020، ثم يبدأ بعد ذلك العد التنازلي والهبوط غير القابل للتراجع. كما تقدر معظم الدراسات أن عمر النفط المتبقي لا يتجاوز الخمسين عاماً، يصاحب اختفاءه تعطل أو اختصار أو توقف لجميع البرامج والمشروعات الصناعية والاقتصادية والخدمات الاجتماعية،فيما قدر صندوق النقد الدولي حجم خسائر الدول الخليجية ما بين 300 و500 مليار دولار، جرّاء أزمة النفط المقبلة، ما يفرض عليها الصرف من مدخرات صناديق الثروة السيادية المقدرة بأكثر من ترليوني دولار جمعتها أثناء طفرة الأسعار، وبعد استنفادها فإنها ستعمل على تطبيق سياسات تقشفية تتواءم مع تقلص إيراداتها المالية وقد تلجأ إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي للوفاء باستحقاقاتها المالية تجاه شعوبها.
السؤال اين ذهبت أموال النفط العراقي خلال الطفرة السعرية؟ لست بصدد الإجابة على هذا السؤال لان مفاسد المحاصصة فيها الجواب الشافي والكافي، لكن السؤال الأهم، كيف يسدد العراق ديونه خلال أعوام التقشف النفطي المقبلة، الجواب عند أولئك الخبراء الذين يقدمون الأوهام على طبق الجوع المنتظر للشعب العراقي، تبدأ بتخفيض اجباري لعدد موظفي الدولة قد يصل الى النصف، وبيع القطاع العام لشركات اجنبية لصالح الإيفاء بالدين الحكومي، وغيرها من الأمور المعروفة للخبراء الاقتصاديين، الذين سيظهرون امام عدسات التلفاز مبتسمين في تلك البرامج الحوارية، مؤكدين بان الشعب هم من انتخب تلك الحكومات التي انتهت سياساتها الى ما يمكن ان تنتهي اليه، وان على الشعب ان يتحمل مسؤولية خياراته في الدفاع عن الطائفة والمذهب والمنطقة والعشيرة، وهم يرددون قصيدة الجواهري الكبير…
نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي
حَرَسَتْكِ آلِهة ُالطَّعامِ
نامي فإنْ لم تشبَعِي
مِنْ يَقْظةٍ فمِنَ المنامِ
نامي على زُبَدِ الوعود
يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ
نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ
في جُنْحِ الظلامِ
تَتَنَوَّري قُرْصَ الرغيفِ
كَدَوْرةِ البدرِ التمامِ
وَتَرَيْ زرائِبَكِ الفِساحَ
مُبَلَّطَاتٍ بالرُّخَامِ!
بغداد
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)