المقالات

اتفق الشيعة على أن لا يتفقوا


سعد الزبيدي

 

اكره أن اتكلم بهذه المصطلحات ولكننا مجبرون على ذلك فبعد 2003 أصبح العراقيون يذكرون هذه المصطلحات اكثر من ذكرهم أنهم عراقيون للأسف الشديد ومن ساهم في ذلك المحتل الذي كتب دستورا معدا سابقا يتماشى مع تمرير خططه من أجل زيادة الهوة بين مكونات الشعب وإضعافه

من اجل تحطيم الدولة والتحول بمكوناتها نحو التقوقع والاحتماء بالانتماء القومي فالمذهبي فالمناطقي فالعشائري حات تلاشت الدولة واصبحنا مع تنامي تلك الانتماءات نعيش زمن لا لسلطة .

أؤمن جدا أننا كعرب نفتقد إلى التخطيط ونحن عاطفيون ونعشق الارتجال حتى باتت حياتنا فوضى عارمة وما زاد الطين بلة أن كل معارض للنظام السابق رأى في نفسه قائدا يجب أن يتولى إدارة الملف السياسي حتى لو كان قاصرا من كل النواحي لذلك انعكس ذلك سلبا على طبيعة العلاقة بين القوى السياسية والجماهير فالبعض مازال يعامل الشعب من منطلق المعارضة ولم ينجح في كسب مودة الشعب ونجح في خلق اعداء ولم يستطيع استيعاب أن هناك فرق بين نظام دكتاتوري وبين انتماءات هذا النظام المذهبية علما أننا نعلم جميعا أن النظام كان معاديا لأي توجه ديني سني أو شيعي او كردي .

ونتيجة عدم امتلاك الخبرة الكافية في فن ادارة الدولة ومعالجة الأزمات والاعتماد على مستشارين من إولي القربى ومن رفاق الدرب فشل الجميع في بناء الدولة .وبرز السطح ساسة طائفيون كانوا سببا في مأساة عاشها العراقيون ودفعوا ثمنها دماء زكية من كلا الطرفين ولا ننسى طبعا صراع القوى الخارجية وحجم التدخلات التي غذت هذا الخلاف من أجل مصالحها ومنذ اللحظة الأولى لسقوط النظام نشطت مخابرات دول لتجد لها موطيء قدم في العراق وجندت ضعاف النفوس وحركت احزاب وتيارات من اجل تجزئة العراق واضعافه ومر العراق بمراحل كان مخطط لها بذكاء من قبل القوى الخارجية التي مازالت تعمل تحطيم ثقة العراقي بنفسه وبمن حوله وساهمت في نشر ثقافة الفساد حتى لا يعود العراق قويا معافى وحتى يظل العراق مستوردا لكل ما هو رديء من دول الجوار من منتجات وافكار هدامة وزعزعت انتماء بعض العراقيين للعراق وصار الكثير يتفاخر جهارا انتسابه للمذهب.والقومية قبل انتمائه للعراق .

وخلال الأزمات المتوالية التي مر بها العراق من سرقة وتحطيم للبنى التحتية وهيكلة الجيش العراقي والغاء وزارة الثقافة وما تبعها من طائفية وحرب اهلية وخطاب متطرف غير مسؤول ومن ثم اجتياح داعشي وما رافق ذلك من فساد لم يشهد له التأريخ من مثيل أصبح بقاء العراق كبلد واحد في مهب الريح نتيجة عدم نضج المنظومة السياسية المصابة بالأنانية المفرطة التي تتعامل مع المنصب كأنه غنيمة من أجل جني المكاسب وزيادة الارصدة لها ولتمويل احزابها من اجل ديمومة الاستمرار للبقاء في السلطة .

وتم العمل الممنهج من أجل بناء الدولة العميقة لضمان بقاء الاحزاب إلى ما شاء الله فلم يكن المعيار في اختيار اصحاب الدرجات الخاصة يخضع لضوابط وشروط بل لحصص الاحزاب التي تختار اكثر الشخصيات ولاء لها من اجل تسنمه هذا المنصب أو ذاك .لذلك فشلت الدولة في وضع خطط من ازماتها المتوالية أو وضع حلول حقيقية لملفات تتوارثها الحكومات وكل يرمي التهمة على سابقه .

حتى وصل السيل الزبى وضاق الشعب بالفشل المتواصل الطبقة السياسية التي تعتاش على افتعال الأزمات من اجل انهاء الدورة البرلمانية وضمان الحصانة وجواز سفر دبلوماسي له ولعائلته وراتب تقاعدي ومكتسبات يجنيها من تواجده تحت قبة البرلمان فيتحول من لسان حال الشعب إلى تاجر يبيع ويشتري بالعقود والدرجات الوظيفية أو الحصول على تواقيع الوزراء لهذه الشركة أو تلك حتى باتت كلمة سياسي تعني عند الجميع سارق أو لص أو منفذ للحصول على عقد أو وظيفة .

سيقول القاريء ما هذا الهجوم على القوى السياسية الشيعية ؟!!!

لكني اتحدث عن جميع الساسة دون استثناء ولكن المسؤولية تقع على عاتق الشيعة بشكل أكبر فكلنا يعلم أن الحكومات يشكلها الشيعة وهنا مربط الفرس .فالقوى الشيعية المعارضة للنظام كانت يوما ما موحدة ولو استغلت القوى الشيعية حجم تمثيلها تحت قبة البرلمان وتوفرت النية الصادقة لدى القوى الشيعية لبناء دولة لأجبرت بقية المكونات للمساهمة في بناء دولة ولكن .

وهنا تسكن العبرات فكلنا يعلم أن الانانية وعدم النضوح لدى بعض القوى السياسية الشيعية والتغريد خارج السرب والسباحة عكس التيار واتقان وضع العصا داخل العجلة والاصرار على اتخاذ مواقف عكس توجهات الجميع والاصرار على التشبث بحلم القائد المنقذ أو المتحكم بالقاعدة الواسعة يسهم بشكل جدي في تفتيت وحدة الصف الشيعي أضف إلى ذلك عدم استطاعة البعض وعدم امتلاكه الشجاعة مع بعض القوى الخارجية التعامل كند والاصرار على التعامل على أساس الولاء المطلق والاصرار على البقاء كجندي ينفذ الاوامر الصادرة له متمسكا بقاعدة نفذ ولا تناقش وعدم شعور البعض انه اصبح صاحب قرار لشعب بكامله وشعوره بعدم الثقة بنفسه والرجوع في كل قراراته لأصحاب الفضل عليه كنوع من رد الجميل.

إن فرصة انتظرها الشيعة 1400 عام وقدموا من اجلها انهارا من الدماء ذهبت سدى عندما اعترف كثير من قادة الشيعة انهم ليسوا أهلا القيادة .

كان من الاجدر على قادة الشيعة أن يأخذوا الدرس من الاكراد الذين اتقنوا لعبة السياسة فالسياسة خالية من الاخلاق وهي المعنى المتجسد لشيء اسمه المصالح .

بعد مرور 17 عاما من الزمن لم يدرك الشيعة انهم لم يتجاوزوا مرحلة الحضانة في فن السياسة فكم سنحتاح من زمن حتى يصل البيت الشيعي الى مرحلة الرشد ؟!!!

الفرصة مواتية العراقيين جميعا من أجل ردم الهوة ما بينهم أولا وكسر الحواجز النفسية والكتل الكونكريتية والتواصل مع الشعب والابتعاد عن البحث عن مكاسب ضيقة واعلان التخلي عن كل التشريعات التي تصب في خدمة الطبقة السياسية والشروع في إعادة كتابة الدستور على أساس المواطنة والاعتماد على مستشارين وطنيين يمتلكون فكرا ويستطيعون المساهمة الجادة في خلق قادة حقيقيين يمتلكون برامج وافكار لانقاذ العراق وحل جميع الأزمات وبناء مجتمع قوي متماسك موحد مع إقامة مشاريع ستراتيجية والاعتماد على اصحاب الخبرة من العراقيين لبناء بلد تتوفر فيه بنى تحتية رصينة وتنويع مصادر الدخل القومي وتقديم أفضل الخدمات المواطن والارتقاء بالواقع الصناعي والزراعي والصحي والتعليمي والسياحي والامني والقضاء على كل الظواهر الشاذة ومحاربة الفساد ومحاكمة رموزه واستعادة الأموال المنهوبة واعادة هيبة الدولة باصدار قوانين صارمة بحق كل مخالف وكل من يحمل السلاح ويخترق القانون ولا يحترمه على أن يطبق القانون على الوزير قبل الفقير وان يعمل الجميع من أجل وطن واحد من زاخو إلى البصرة مع تجريم كل من يأتمر بأمر الخارج بتهمة الخيانة العظمى وطوي صفحة الماضي والعمل على المصالحة المجتمعية الحقيقية والحد من تدخل القوى الحزبية في عمل المؤسسات وتطبيق قانون من أين لك هذا والاستعانة بمصارف الدولة ودوائر العقاري والرقابة المالية في بحث أصول الأموال وتوفير الجو المناسب لحياة حرة كريمة وبتوفير سكن ملائم لكل مواطن وتوفير فرصة عمل وعودة الخدمة الالزامية ومحاربة الممارسات الدخيلة على المجتمع كالاتجار بالمخدرات ومحاربة أنتشار مقاهي الاركيلة ومحال بيع الخمور وصالات لعب الأقمار وسن قوانين صارمة بحق مروجي وتجار المخدرات وبيع الأعضاء البشرية .

قد يبدو ما أكتبه ضرب من الخيال ولكن من يمتلك الارادة والثقة بنفسه والعزيمة على التغيير يستطيع ذلك لأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة .

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك