المقالات

فرصتان امام العراق لإظهار دوره وحرصهِ على أمنه القومي وتبنيه موقف سياسي يُليق بالعراق


د . جواد الهنداوي*

 

                   الحراك السياسي والشعبي في العراق ، من اجل الإصلاح و تشكيل الحكومة و اجراء الانتخابات ، و قدرة الحكومة المشروطة في تصريف الأعمال ، لا يُجيزان تفويت فرصاً سياسية ، تُولدْ من رحم التطورات و الأحداث العربية والإقليمية ، و تتيح للدولة مسعى و مناسبة لتعزيز دورها و أمنها و سياستها الخارجية .

                 حدثان تعيشهما المنطقة و العراق معنيٌ بهما ، قبل غيره من الدول العربية و الدول الاخرى .

                الحدث الأول هو الاعتداء التركي على الأراضي السورية و الدعم التركي الواضح والصريح و العلني للجماعات المسلحة ، والمصنفة منظمة ارهابية ، وبموجب قرارات دولية . ما يجري في أدلب ،في شمال سوريا ، ليس فقط اعتداء و احتلال ، وانماّ أيضاً شروع دولة ،عضواً في حلف الناتو ، وجارة للعراق ، بتقديم دعم عسكري بجيش و بمعدات و بطائرات الى جماعات ارهابية .

           العراق معنيٌ بما يجري في سوريا لأمريّن استراتيجييّن : الأول هو أنَّ العراق عانا من الإرهاب و حاربه ، و لا يزال منذ اكثر من عقد ونصف من الزمن ، و اصبحَ للعراق شهرة و مكانة دولية كضحية للإرهاب و كمنتصر على الإرهاب و شَغَلَ الإرهاب حيزاً كبيراً من سياستنا الخارجية ، واستهلك جهوداً و وقتاً طويلاً من عملنا الدبلوماسي . صمتْ العراق عن ما تقوم به تركيا من دعم لا محدود و مكشوف للإرهاب وفي دولة جارة للعراق و امتداد جغرافي للعراق امرٌ يُثير الاستفهام .

         أليسَ من حق و واجب العراق أدانة الدولة التي تدعم الإرهاب علناً و قُربَ حدودنا ؟

         أليسَ من واجب العراق سياسياً و دبلوماسياً تبني تصريح رسمي يعربُ فيه العراق عن قلقه لما يجري من دعم عسكري ومهم لجماعات ارهابية في سوريا ، و إنَّ هذا الوضع يثير فزع و قلق العراق ويهدد أمنه القومي ؟

    لا ينبغي المجاملة الدبلوماسية بالتزام الصمتْ و التهاون و التغاضي عن ما يهدد امن العراق ويعين الإرهاب ! الخطر ليس فقط في سوريا و على سوريا ،الخطر أيضاً على العراق و في العراق .

    ما تقوم به تركيا ،اليوم ،في سوريا ، وبحجة أمنها القومي ،ستقوم به غداً ،في العراق ، و بذات الأدوات الإرهابية ، و لذات الحجة !

    الدول الأوربية تنتقد و تدين تركيا لتوظيفها مصائب اللاجئين و ابتزازها لهم ( للدول الأوربية ) ، من الغرابة ان يصمت العراق و تصمت الجامعة العربية و تصمت الدول العربية عن ظاهرة توظيف تركيا للإرهابين في سوريا !

    الامر الاستراتيجي الثاني ،بموجبه ، العراق معنياً بما يجري في سوريا ، هو ان للقوات التركية تواجد على الأراضي العراقية ، تواجد غير مرغوب به ، وغير متفق عليه ، ايّ ،بمعنى آخر احتلال لجزء من الأراضي العراقية . و ذات الحجة التي تدفع بها تركيا لتبرير توغلها و اعتداءها و احتلالها لاراضي سورية ، تستخدمها تركيا تجاه العراق ، وهو الامن القومي التركي و ملاحقة المقاتلين الكرد ، والتي تصفهم تركيا بالارهابيين .

لا يتردد الرئيس اوردغان من نقل تجربته الاحتلالية و المستخدمة للإرهابين في سوريا الى العراق عندما يقرر ذلك ! مالذي يمنعه؟ امريكا ام اسرائيل ؟

برهّن التعاون العراقي السوري المشترك دوره و فاعليته في محاربة داعش ، ليأخذ هذا التعاون دوراً سياسياً و دبلومساً في الوقوف ضد الدعم التركي اللامحدود للجماعات الإرهابية في سوريا .

من الغرابة ان يعقد  وزراء خارجية الدول الأوربية اجتماعاً طارئاً بطلب من الاتحاد الاوربي لمناقشة التوغل التركي في أدلب و ابتزاز تركيا لورقة اللاجئين ، ويجتمع السيد جوزيف بوريل /منسق السياسة الخارجية الأوربية مع وزير خارجية تركيا ، و العراق و الدول العربية والجامعة العربية تلوذ بالصمتْ !

            الحدث الثاني الذي يعني العراق هو اجتماع القمة العربية المزمع انعقاده في الجزائر . العراق ، كما الجزائر ،معنيّان بالمطالبة في دعوة و حضور سوريا الى الاجتماع . سبقَ و أنْ طالب العراق ،بتاريخ ٢٠١٧/٣/٧ ، و على لسان وزير الخارجية الدكتور الجعفري بعودة سوريا لأشغال مقعدها في الجامعة العربية ،خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة . نعتقد بضرورة تبني العراق  موقف رسمي وتصريح سياسي واضح بدعوة سوريا الى القمة المحتمل عقدها في الجزائر ، وضرورة تنسيق الموقف مع حكومة الجزائر التي تبنت موقف واضح وصارم ،مفاده " لا قمة عربية على ارضنا بدون عودة سوريا و إنهاء الهيمنة الخليجية على قرارات الجامعة العربية " .

   تتردد الأمانة العامة للجامعة العربية في المضي بعقد القمة والحجة هي الخوف من عدوى   "فيروس كورونا " ، و نعتقد بأن موقف الجزائر الذي يربط استضافة القمة بحضور سوريا ، و الاعتداء او الاحتلال التركي في أدلب ، والذي يفّرق العرب في مواقفهم و يحرج الأمانة العامة للجامعة العربية هي الأسباب الحقيقية التي خلف تردد الجامعة العربية بعقد القمة .

*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات .

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك