إشراق علي
لماذا يلجأ الإعلام الصهيوني/الإسرائيلي الى ذكر تفوقه في شتى المجالات بأن يستخدم أسلوب احصاء منجزاته ويعضدها "بالتضخيم" سواء؛ اللغوي، الصوري، الفيديوي... ويشدد على أن يضع "العرب" -تحديدا- في الجهة المقابلة والتي يُجه لها سيل منجزاته مفتخرا بتفوقه علينا؟
قبل أن نجيب، لنسأل: ماذا يحدث في "داخلنا" من احتلاجاتٍ نفسية حينما يذكر صديق لنا "إنجازاته" ونجاحاته ونحن لا نملك أي إنجاز أو نجاح- يذكرها بأسلوب يزخر بالفخر؟
من الطبيعي -إن كنا نملك الحد الأدنى من النباهة- أننا سنقرأ هذه الحادثة على أنه يريد أن يُوصل لنا عدة رسائل، وأيضا، يريد أن يخلق ردة فعل عاطفية "سلبية"، لنقرأ ماذا يريد:
1- أنه يريد أن يوصل رسالة لنا مفادها: أنا متفوق عليك بما ذكرت لك.
2- كوني حققت هذه النجاحات فذلك يعني بأني "ذكي" وأنت غبي.
3- أنا أفضل منك وأكثر تقدما بينما أنت فاشل ومتخلف ورجعي.
4- أنا في قمة النشاط وأنت في قمة الكسل.
5- أنا أصنع ظروفي وأنت تنتظر أن تُصنع لك ظروفك.
6- أنا متحكم بحياتي وأنت مسير في حياتك.
7- أنا قادر وأنت "عاجز" تماما.
كل هذه الرسائل وغيرها بعد تلقيها وفهمها "نفسيا" ستولد ردة الفعل المنتظرة ألَا وهي: الشعور بالإحباط، واليأس، وعدم الثقة بالنفس. الأمر الذي سيؤدي الى مرحلة خطيرة جدا وهي: الشعور بـ(الشلل) التام نتيجة لتحطم الإرادة ووأد روح المقاومة، وقتل جوهر التنافس!
بمعنى: القتل المعنوي للنفس، لذلك، نبه الكتاب الى أنَّه: "من "قتل" نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا.. ومن "أحياها" فكأنما أحيا الناس جميعا".
والقتل ليس هو "الإماتة" أي بمعنى إنهاء حياة الشخص، لا، بل هو: الحد من النشاط والفاعلية والتأثير.
مثال: تقول العرب: اقتل الخمر بالماء، بمعنى، حُدَّ من تأثيرها وفاعليتها بأن تخففها بالماء.
مثال آخر: في العامية العراقية نقول للذي يحاول أن يشغلنا عن عملنا، أو الذي يحاول أن يتدخل بفضول في شأننا... (كتلتني/قتلتني)، فماذا نعني؟
نعني بأنه يحاول أن يشتت نشاطنا ويعرقلنا من إنجاز ما نقوم به من نشاط وفاعلية ما.
حتى في العامية الأمريكية تستخدم نفس الكلمة (كيل مي) اقتلني وفي نفس السياق أعلاه.
ونقول: اقتل الشك باليقين.. الشك هو تبديد وتشتيت لطاقاتنا الفكرية والنفسية (وهو نشاط أيضا) لذلك حين قلنا "اقتله" أي حد من نشاط الشك ولا تجعله يشتتك ويستنزف طاقاتك...وهكذا
حين ننتقل الى علماء النفس وعلماء وظائف الدماغ "العقلية" أنهم يجمعون على أن المشاعر السلبية تجعل الدماغ "ينغلق على نفسه" ويركز على المشاعر السلبية كالإحباط واليأس والحزن... فلا يستطيع بذلك رؤية خيارات أخرى قد تكون متاحة أمامه.(1) أي أن هذه المشاعر السلبية ستؤدي الى الحد من نشاط الإنسان، حرفيا، قتله!
الإعلام الصهيوني/الإسرائيلي ومن بعدهم العربي هذا ما يريدونه بالضبط، أن يحطموا ثقتنا بأنفسنا، وأن نشعر أمامهم بالعجز والإحباط المفرط الى أن نصل الى الشلل الكامل كما بين ذلك الدكتور حامد ربيع صاحب نظرية الحرب النفسية العكسية "العربية".
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)