قاسم آل ماضي
١- لقد أجبر قرابة خمسة ملايين عراقي (اي ١٣٪ من الشعب العراقي) على الهجرة والتهجير على مدى ستة عقود مظلمة بسبب جور الانظمة الجائرة التي حكمت العراق، لكن خروجهم لم يقطعهم عن الهم العراقي ومسؤولياته كما انهم لم ينسلخوا من عشائرهم وامتداداتهم الاجتماعية، بل كانوا خير ناصر لأهاليهم من ابناء الشعب المظلوم في سني الحصار تحديداً من خلال مد يد العون وكسر المقاطعة العالمية الجائرة.
٢- لم تخرج هذه الملايين العراقية من بلادها راغبة في نزهة، بل خرجت وأُخرجت قسراً وتحملت مشقة طريق ذات الشوكة، فعاشوا تحديات الغربة التي لا يعرفها الا من لامس وخَبِر معاناتها، ابتداءً من هول حلقات الخوف لحظة الهروب، وتعرضهم للقتل والتعذيب والخطف على الحدود والغرق في البحار، وليس انتهاءً بتحمل أعباء الغربة والاندماج مع مجتمعات وشعوب غريبة عن عاداتها فضلاً عن السعي في طلب العلم والرزق بكدهم ومن عرق جبينهم.
٣- اجتهدت هذه الجاليات العراقية في تطوير قابلياتها، فقد انجبت جيلاً يقارب المليون شخص في تعداده من حملة الشهادات ورجال الاعمال الذين لم يُكلفوا الدولة العراقية درهماً واحداً في تطوير قابلياته. هذه الكفاءات النوعية والمتفردة في اختصاصاتها وخبراتها العالمية هي رصيد العراق الاستراتيجي في بناء مستقبله لو استثمرته الدولة العراقية الجديدة من خلال برامج مد الجسور لإعمار البلاد، اذ يُكلف نشأت هكذا جيل مئات المليارات من الدولارات التي لا توفي اجورها جميع واردات واحتياطيات حقول النفط العراقية مجتمعة.
٤- لا أعدُ صخب الحديث عن مزدوجي الجنسية وتصويرهم بأنهم أس البلاء في البلاد وعديمي الوطنية الا خيانة للعراق وطعناً في شرف شعبه. علماً ان غالبية من تصدى للعملية السياسية بعد ٢٠٠٣ (باستثناء عدد محدود جداً) لا يُمَثلون بالتحديد الحشود المليونية التي أجبرت على العيش في ظل الدكتاتوريات أو من أجبر على الهجرة، كما ان الفساد وسوء الادارة لم يَكُن صفة ملازمة لفئة معينة من فئات الشعب، لنختزل سمعة الملايين بأداء بعض الأفراد سيئة الصيت.
٥- جل الكفاءات العراقية ممن أجبِرَ على الهجرة أو التهجير أو من ابناء المُهجرين هم اليوم على تواصل تام مع العراق، بلداً وشعباً، وعلى تماس مع أوضاع حكومته بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكن دون استنفار الجهود المرجوة للإستفادة من هذا الكم النوعي، لذا، فإن اتهامهم بالجهل وعدم المعرفة في شؤون العراق، هو الجهل بعينه.
خلاصة القول، ان وثيقة الجنسية الثانية او الثالثة او الرابعة ... الخ لا علاقة لها بالولاء والانتماء الوطني ومستوى النزاهة. تذكروا ان أوباما اصله كيني، وساركوزي اصله هنغاري، وترامب اصله أسكتلندي، وكلنتون اصله أيرلندي، ودوق ادنبرة الامير فيلب اصله يوناني دنماركي، والملكة إليزابيث الثانية اصلها ألماني إسباني، والباجه جي وزير اول حكومة اماراتية اصله عراقي، والأمثلة كثيرة ..... لان *جميع البشر شعوب مهاجرة* واصلها ارض الله الواسعة.
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)