رأفت الياسر
طرحت المرجعية في خطبتها الاخيرة بتاريخ 20/12/2019م ورقة الانتخابات المبكرة لأول مرة بشكل صريح وهذا يشكل انعطافاً مفصلياً بطريقة تعاملها مع الاحداث
استخدم البعض هذه المسألة للأطاحة بخصومه التي رفضت الانتخابات المبكرة سابقاً مُستدلة بهذه الخطبة على بُعد هؤلاء الخصوم من المرجعية ومخالفتهم لها.
هذا الاستخدام الاعلامي فيه توظيف مُقزز ضمن التراشق المتبادل في مواقع التواصل. وللتعليق على هذا الموضوع اذكر عدة تعليقات:
1- المرجعية كانت ضد تغيير الحكومة او بالحد الادنى لم تدعو لذلك بل حملّت منذ الايام الاولى للفتنة البرلمان مسؤولية ما يجري والحكومة بالدرجة الثانيةلأن مشكلة المتظاهرين ليست مع الحكومة ذات العام الواحد و انما مع مجمل النظام السياسي. ولكن المرجعية فيما بعد نوهت لتغيير الحكومة!
لماذا هذا التغيّر؟
2- المرجعية في الايام الاولى اكدت على مسألة الانتخابات الدورية الغير مبكرة بعبارة هذا نصها:"لقد سعت المرجعية الدينية مُنذُ سقوط النظام الاستبدادي السابق في أن يحلّ مكانه نظامٌ يعتمد التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر الرجوع الى صناديق الاقتراع، في انتخابات دورية حرّة ونزيهة"
ثم عدلت ودعت للانتخابات المبكرة
لماذا هذا التبيان او الانعطاف في مواقف المرجعية؟
- في الواقع قدمت - اي المرجعية-
مجموعة من الفرص للطبقة السياسية خلال فترة الازمة المنصرمة لَأن تتخذ هذه الطبقة مجموعة من القرارات السريعة التي بأمكانها اقناع الشارع ولكنها فشلت بل استمرت بفشلها عند انسحاب الكرد والكتل السنية من جلسات البرلمان وهذا يعني أن الفاعلين السياسين لم يعوا المخاطر لهذه اللحظةولم يستفيدوا من الفرصة منذ 1/10 الى الان
- نتيجة لما تقدم فأن مخاوف ربما ستحصل بسبب عدم قدرة المسؤولين الى احتواء الازمة كما عبرت بخطبتها :"إنّ أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي -لا سمح الله-، هو الرجوع الى الشعب بإجراء انتخاباتٍ مبكّرة"
ثلاث عبارات تدق ناقوس الخطر ذكرتها المرجعية (الذهاب الى المجهول , الفوضى, الاقتتال الداخلي) وهنا حسب فهمي القاصران المرجعية ما زالت رافضة لفكرة الانتخابات المبكرة كجزء من الاصلاحات وأنما هي كتكيك مرغمة عليه لأبعاد العراق من شبح الحرب الاهلية!
والخروج من الازمة لا أكثر
لماذا تتكلم عن الحرب الاهلية وهي تدعم المتظاهر السلمي، الى يبدو في ذلك تناقض؟
المرجعية هنا تشير الى لاعب خطر وشرس ومُتمرس يملك بأدواته القدرة لخلط الاوراق- الفوضى- وافتعال حرب اهلية وهذا اللاعب ماكر ومتمكن لدرجة أن الاجهزة الامنية غير قادرة على استيعابه وإرادته أقوى من أرادة المتظاهر السلمي فهو مندس بيهم ما لم يميزوا صفوفهم. و إلا لو كانت المرجعية مع ورقة الانتخابات المبكرة وتغيير الحكومة لماذا لم تدعو لهما منذ الايام الاولى للازمة؟
لماذا تنتظر التصعيد واستمرار الاحتقان لتشير لتغيير تلك او اجراء هذه الان؟
ختاماً تشير المرجعية في خطبتها حول وظائف الحكومة الجديدة:
".... وإجراء الانتخابات القادمة في أجواء مطمئنة، بعيدة عن التأثيرات الجانبيّة للمال أو السلاح غير القانونيّ وعن التدخّلات الخارجيّة"
هنا تشير الى شيء لم يُذكر في العادة
فنحن ندرك أن هناك اجندات خارجية و أموال تُحرق لكن تأثير السلاح في العملية الانتخابية هذه لم يُشر لها سابقاً- على حد علمي-
فأن هذه الوظيفة والعوامل الاساسية للحكومة فيما فشلت بتحقيقها يعني فقد الناخب بالعملية الانتخابية وذهاب البلد للمجهول واحتمال الحرب الاهلية والاقتتال الداخلي
و بما أن التأثيرات الجانبية للمال والتدخلات الخارجية حاضرة فأن مخاطر اجراء انتخابات في ظل اجواء مقبولة عملية صعبة جداً
لأن العقل الجمعي موظف باتجاه واحد وفيما لو أتت النتائج في غير ما يريده هذا العقل
فأن عصابات المولتوف لن تهدأ وسينزل السلاح الخارج عن القانون
ولهذا فان فالمرجعية هنا اكدت ضمن وظائف الحكومة لضرورة فرضها لهيبة الدولة الان ومستقبلاً.
وعليه فأن أجراء الانتخابات المبكرة في هذه الظروف مُرّ لا بُد منه ومجازفة فيما لم يتدارك المسؤولون في البلاد لخطورة الاوضاع وعدم قدرتهم على استعادة الثقة بالقواعد الشعبة بأسرع وقت ممكن
وغير ذلك ستكون الساحة للتدخلات الاجنبية وأموالها وقنابل المولتوف.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)