بقلم : سامي جواد كاظم
اغدقت علينا حرب بوش بالبرامج الحوارية من خلال الفضائيات والمنتديات من خلال الانترنيت ، وبدأ استعراض القلم واللسان وحركة البنان . ومن الطبيعي هنالك مواقع في الانترنيت مع القنوات الفضائية استخدمت اسلوب الحوار هذا باقصى درجات الاساءة للطرف الاخر الذي لا يتفق وافكارهم .
هذه الحواريات تنفض الرماد عن الجمرات التي اختبئت في طيات التاريخ الاموي والعباسي فلمعاوية حصة منها ويعقبه المامون ، فكانت ثقافة الحوار هذه هي اسلوب عصري لمجالس معاوية ومناظرات المامون قديما ، الا انهم استفادوا من هفوات السابقين فاستطاعوا من احتوائها في برامجهم حتى يستطيعوا ان يتجاوزوا الخذلان والهزيمة . فالديمقراطية والحرية التي مارساها معاوية والمامون انعكست عليهم وبشكل سلبي ففضح ما في داخلهم من حقد وغل ، ولا باس ان اذكر واعقب .
في مجلس الطليق معاوية و هو المكان المخصص للبرنامج الحواري فكان الطرف الاول هم المغيرة وابن العاص وابن عثمان بن عفان ، حيث كان عنوان المجلس قضية مقتل عثمان ومن هو الذي يقف وراء هذا المقتل ، واما الطرف الثاني فكان الامام الحسن (ع) وعندما راى مقدم البرنامج معاوية الامام الحسن (ع) قال :(أن عثمان قتل مظلوما، وأن أباك قتله، فاسمع منهم، ثم أجبهم بمثل ما يكلمونك، فلا يمنعك مكاني من جوابهم)، وهذه الحرية بعينها ، حيث يعتقد ان مكانته ستثني الحسن (ع) من الرد او الدفاع عن الحق وكان هو واهم بما لاقى من الحسن (ع) فكان جواب الامام ( فسبحان الله البيت بيتك والإذن فيه إليك! والله لئن أجبتهم إلى ما أرادوا إني لأستحيي لك من الفحش، وإن كانوا غلبوك على ما تريد، إني لأستحيي لك من الضعف، فبأيهما تقر، ومن أيهما تعتذر).
والملاحظ انه من خلال الحوار كان الامام الحسن عليه السلام يوجه بعض الكلمات الى معاوية فعندما ذكر الامام علي (ع) ختم قوله الموجه الى معاوية بالقول ( أنشدكم بالله هل تعلمون أن الرجل الذي شتمتموه صلى القبلتين كلتيهما وأنت تراهما جميعا وأنت في ضلالة تعبد اللات والعزى، وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح، وأنت يا معاوية بالأولى كافر، وبالأخرى ناكث ).
وعند انتهاء البرنامج الحواري ختمه الامام الحسن (ع) بالقول ( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ) هم والله يا معاوية: أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك، والطيبون للطيبات - أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم ثم: علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه وشيعته).
واما مناظرات مجلس المأمون فهي معروفة للقاصي والداني عندما طلب من علماء امته ان يناظروا الامام الجواد (ع) مجتمعين عسى ان يتمكنوا منه وعلى اقل تقدير لصغره وكان ما كان وبعد هزيمتهم كلهم على الاطلاق اراد ان يعيد الكرة المامون الا ان يحيى ابن اكثم نصحه بالعدول عن ذلك لانه سيزيد من لمعان الامام الجواد (ع) وينزل من قدر المامون اكثر فعدل عن المناظرة .
اليوم ومع التقنية التي وصلت اليها الاجهزة مع تطور الشر والخبث البشري استطاعوا احفاد معاوية من اعادة التاريخ ثانية من خلال استحداث برامج حوارية مطعمة بالخبث الالكتروني حتى يستطيعون من احتواء الموقف ، فكان اغلب المتناظرين هم من شريحة معينة يتم انتقائها مسبقا مع اطلاعها على الاسئلة لطرف دون الطرف الاخر الذي يراد له ان يحرج في برنامجهم .
فنجد الجزيرة من خلال برنامجها الاتجاه المعاكس والمستقلة والشرقية كان لها حصة الاسد من هذه البرامج التي يعتقدون اصحابها انها ستمكنهم من بلوغ هدفهم فاذا ما احسوا بالحرج قالوا فاصل ونعود لكم او تغير اتجاه السؤال لانقاذ ماء وجه بطلهم الضيف واما المستقلة فانها استخدمت اسلوب الحوار عبر جهاز التلفون فاذا ما احرجت يكون المقص موجود لدى المخرج لقطع الاتصال وعندها يظهر مقدم البرنامج فيقول عذرا الاتصال قطع واذا ما عاد سنعاود وهيهات له ان يعود .
واما المواقع في الانترنيت والمنتديات فحدث ولا حرج فاذا ما احسوا بالهزيمة فمن السهولة قطع الاتصال وحتى المواقع التي تنشر المقالات التي تنال من الفكر الاخر وتدعي الحرية لا تنشر المقالات التي ترد على افك الخراصين التي دأبت دائما على نشره . فالمسئول عن الجزيرة والمستقلة والشرقية ومن لف لفيفهم ودأب دأبهم هم صورة عصرية لمعاوية والمامون .
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)