المقالات

أين يقف التركمان في المعادلة العراقية؟!


عزيز الأبراهيمي

 

الصراع من اجل البقاء, هو من يقرر الأصلح بالاستمرار في هذا الزمن, الذي استعار فيه بني البشر أخلاق الغابة فمن ينتظر أن تتبدل أخلاق الطمع, والأنانية, وحب الاستئثار والتملك, من هذا الوجود فان انتظاره سوف لا يطول؛ لأنه سيفقد أصل وجوده, ومن لم يبادر إلى امتلاك موارد القوة والبقاء, فانه سيغدو وقودا يستعمله الآخرون من اجل امتلاكها.

التركمان في العراق نموذج من تلك الأقوام, التي وقعت في أتون صراع مستمر, نتيجة العوامل الجيوسياسية التي تكتنف وجودهم, والعقائد التي يحملوها, وليس هناك إحصاء دقيق اليوم لأعداد التركمان في العراق.

لكن الثابت إنهم القومية الثالثة في هذا البلد، من حيث الوجود السكاني, هذا المكون الكريم بسنته وشيعت، قد عانى من إهمال السلطات تارة, ومن استهدافها تارة أخرى.

لو غضضنا الطرف، عن جميع تلك الجرائم التي نفذها البعثيون بحق التركمان, لاسيما الشيعة منهم, واكتفينا بمتابعة نفوس التركمان إذ تؤكد الإحصائيات ان " التعداد السكاني لهم لعام 1957 بلغ (950 ) ألف نسمة، بينما قدرت المصادر الحكومية عدد نفوسهم في عام 1997 بـ ( 900) ألف نسمة فقط، أي بنقصان (50) ألف نسمة عما كانت عليه عام 1957" لتبين لنا مدى الإجحاف والظلم الذي وقع عليهم.

ولم يأت التغيير بعد 2003 بالخير الوفير على التركمان, فبشق الأنفس انتزعوا اعترافا دستورياً بوجودهم, لتبدأ معاناتهم مع المكونات التي تعيش معهم, وزاد في تلك المعاناة تناثر قوتهم, وعدم توحد كلمتهم, فأصبحوا اقرب إلى المستضعفين في مناطق سكناهم, وقد كشفت أحداث داعش وسقوط تلعفر خواء الإرادة لكثير منهم, واللامبالاة بمصيرهم المحفوف بالمخاطر؛ التي تطالعهم غدوة وعشية وضعف الوعي السياسي للإحداث من حولهم, ولم يبقي صمود امرلي(التركمانية) حجة للقسم الأكثر من ساكني القضاء الأكبر حجما ونفوسا غيره, إلا الاعتراف بالتقصير في الحرص على وجودهم وثرواتهم.

إن استمرار ثقافة التراخي من قبل الإخوة التركمان, سيجعلهم معرضين لنكسات أخرى, وسوف يتجرأ عليهم الأخمل ذكرا, والأقل عددا, وسيؤول أمرهم الى ما لا يحمد عقباه, وليس عليهم إلا ان يعظموا في أنفسهم الهمة, من اجل وقف سلسلة النكبات التي تعرضوا إليها, واقتفاء اثر المجتمعات التي شابهت ظروفهم.

الطبيعي في أي مكون يمثل أقلية في المنطقة التي يقطنها, أن يكون مجتمعا شرسا متماسكا, حتى يهاب الآخرون الاعتداء عليه, ويؤمن لنفسه أهم عوامل البقاء وهو عامل الهيبة, وهذا ما على الإخوة التركمان العمل عليه, في أي منطقة يقطنوها من خلال تشكيل لجان شعبية عابرة للأحزاب, والتكتلات, همها إيجاد هذه الثقافة في نفوس الشباب التركماني, حتى يأذن الله ويتجاوز العراق مرحلة غياب القانون وضعف الدولة.

عدم الاستفادة من تجارب الماضين, يؤدي إلى مزيد من التخبط, وضياع الفرص وما اجدر بالتركمان الشيعة خصوصا ان يدرسوا حركة السيد موسى الصدر, وما قام به في جنوب لبنان, والذي كان ركيزة لانطلاق قوة الشيعة, ومنعتهم في تلك الاجواء التي كانت مليئة بالعداء لهم ولا زالت.

التكاثر من خلال الإنجاب, والتزويج المبكر وحتى التثقيف على تعدد الزوجات, إضافة الى رفد الحوزة العلمية بالمئات من الشباب التركمان حتى ينتج في القريب جيل من العلماء التركمانيين القادرين على تحريك مجتمعهم, وتأصيل الوعي العقائدي والسياسي لديهم, والخطاب الحماسي المتكئ على القضية الحسينية, الذي لابد ان يكون سمة الخطاب في المناطق التركمانية, وإيجاد ثفاقة سياسية تجبر جميع القوى الفاعلة في الساحات التركمانية, بالتوحد أيام الانتخابات تحت قائمة واحدة, للحيلولة دون تبعثر أصواتهم, وغير هذه الوسائل من الأمور التي تساعد على بقاء هذه الفئة الطيبة وعزتها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك