قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
أكثر من 120 دولة في العالم؛ تعد نفسها أو تدعي، بأنها ديمقراطية وتتباهى بها، كما أن معظم دساتير الدول تتضمن فقرات واضحة، تؤكد على ان هوية الدولة ونظام الحكم فيها ديمقراطي، وتشير بوضوح الى التداول السلمي للسلطة، وهناك مئات الآلاف من الكتب والمؤلفات؛ تثقف بالشأن الديمقراطي، الذي غدا كما هو ظاهر، سمة العصر المأزوم الذي نحياه.
الديمقراطية ليست سمنا على عسل دوما؛ كما هو مُنِظَرٌ لها ومسطر بالكتب، إذ أنها تواجه بعد التطبيق إنتقادات واسعة، فثمة من يقول أنها تعمق لفوارق الاجتماعية، وآخرين يرون أن في أجوائها ينتعش الفساد؛ نتيجة لسيطرة جماعات إنتفاعية على الحكم بآلياتها، وهم مضطرون لأن يحمي بعضهم بعضا، ويدافع بعضهم عن بعض، فيغدو الفساد قويا محميا.
هناك آراء معززة بحقائق ميدانية، وبأرقام إحصائية؛ توصلت الى أن أنظمة الحكم المتولدة بآليات الديمقراطية، لا يسعها تنفيذ مشاريع إقتصادية وعمرانية عملاقة، لقصر مدة الحكومات التي تعمل على منجزات منظورة، تكون رصيدا لها في الأنتخابات اللاحقة، أي منجزات قصيرة المدى.
من بين الآراء المدعمة بحقائق ومعطيات ملموسة؛ أنه في ظلال الديمقراطية تنمو طبقة الأثرياء، التي تتحكم بسير الحملات الانتخابية النيابية التي يقودها الاغنياء، وبالتالي يتحكمون بالسلطة، فضلا عن تفشي البيروقراطية ومظاهراها السيئة، فضلا عن أن الديمقراطية لها أعدائها التقليديين، وهم أولئك الذين لم يعتادوا أن يشاركهم أحد في ماعونهم..!
بالمقابل فإن الأنظمة الديمقراطية؛ تؤدي الى تطور المؤسسات الشعبية، ونمو العمل الحزبي، وطلب الاستفتاءات، وممارسة الانتخابات وحق الاقتراع والترشح، وإنتاج معارضة رسمية فاعلة. كما تنمو ايضا نموا مضطردا؛ سلطة المعارضة “الغير رسمية”، المتمثلة بالسلطة الرابعة؛ أي سلطة الإعلام الحر ووسائله المتنوعة.
في هذه الموازنة الدقيقة بين ما هو مفيد، وما هو مضر، ونحن نقف على أعتاب "حفلة" إنتخابات جديدة، لمجالس المحافظات ولمجلس النواب؛ يحق لنا أن نتسائل هل نحن ديموقراطيون؟ وهل أن الديمقراطية ضرورة أم كيفية؟!
الديمقراطية لا يمكن أن تبنى بدون أن تحمى، فلسنا في المدينة الفاضلة، حيث يعرف كل مواطن ما له وما عليه، وحيث تترك فيه البيوت مفتوحة ليل نهار.
كلام قبل السلام: لو كانت الحرية منذ البداية تشكل العنصر المركزي في تربيتنا، ما بكى بعضنا على الإســتـبـداد!
سلام...
https://telegram.me/buratha