فؤاد الطيب
( بلاد بلا صحيفة كشعب بلا لسان ) عبارة قالها إعلامي سوداني ورحل , تاركا وراءه آلية التفاعل معها , وكيفية التعاطي مع مستجدات الأحداث الكثيرة التي تتسارع في بلاده في ضل غياب وسيلة إعلامية ناطقة باسم شعبه .
يتفق الكثير من رواد الصحافة والإعلام والعاملين في هذا المجال , على أن الصحافة العالمية أو المحدودة قد تحولت اليوم إلى مادة غذائية فكرية وثقافية لا يمكن الاستغناء عنها مع إخلاف مضامينها وموضوعاتها , ويتفق أيضا على أن وجود الوسيلة الإعلامية الناطقة باسم جهة معينة أو جمهور أو طائفة أو شعب هي لسان حالهم في إيصال مشاريعهم ومنتوجاتهم الفكرية وأهدافهم إلى الرأي العام .
ونحن اليوم إذ نعيش في ضل صراع عالمي فكري تتناوله ألاف الصحف والمواقع الالكترونية , والحرب الإعلامية الناعمة والخشنة , بعد انحسار الصحافة التقليدية أو المطبوعة , وهيمنة ملايين المواقع الالكترونية للتواصل الاجتماعي , بهدف التأثير على الرأي العام العالمي أو المحلي من خلال تسويق مئات الخطط والأهداف والأفكار المستقبلية , والتحكم من خلالها بالأفراد والجماعات والحكام .
وفي الوقت الذي كانت فيه الصحافة محصورة ومحدودة ولا تتجاوز المدينة التي تصدر فيها الصحيفة المطبوعة أو أي منشور ورقي , وحتى على مستوى الإعلام الفضائي , فان الإعلام بقي محدودا , ألا يجدر بنا اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين أن نستثمر التطور الهائل والسريع في عالم الانترنت والعولمة من خلال البوابة الالكترونية الواسعة وتبني مشاريع فكرية كثيرة من شانها المساهمة في تنوير الرأي العام بمشروعنا الإسلامي ؟ خاصة ونحن نشهد سنويا المسيرة المليونية التي تتوجه سيرا على الأقدام من أقصى المسافات صوب مدينة كربلاء المقدسة لإحياء طقوس عاشوراء .
ورغم امتلاكنا لعشرات القنوات الفضائية التي تسعى لتصدير وتغطية الفكر الإسلامي عموما , والفكر الشيعي بصورة خاصة ومعتدلة , إلا أن هناك بالضد ما يقابلها من الفكر التسقيطي الخطير الذي يوجه ضد فكر آل البيت عليهم السلام , والمصيبة أن الأجيال الجديدة خاصة من الشباب لا تشبه أجيال أواخر القرن الماضي في اللهاث وراء الكتاب والبحث من اجل القراءة .
والسؤال هو لماذا كل هذا التراجع الإعلامي والدفاع الخجول عن قضية عالمية مثل قضية الإمام الحسين ع , و الإجابة المناسبة لذلك , هي غياب قادة الفكر والتوجيه الحقيقيين , أو عدم القدرة على إيصال الرسالة بصورة مناسبة إلى الجمهور , إضافة إلى غياب الحرفية باستثمار الحضور الجماهيري السنوي والامتداد البشري الهائل وصولا إلى مدينة كربلاء المقدسة , لتذكير العالم برسالة الإمام الحسين عليه السلام , وإنها رسالة عالمية غير محدودة بمكان أو زمان أو امة , أضيف إلى ذلك , قيام الكثير ممن عملوا بالمتاجرة باسم قضية الحسين وجعلها غطاء لتمرير الكثير من المشاريع التدميرية ضد الإسلام , ورفع شعارات حسينية خالية من مضامينها الحقيقية في خدمة البشرية والإنسانية .
علما أن قضية الإمام الحسين قد تمكنت من تحقيق وحدة الشعوب التي مازالت تقع تحت هيمنة الظلم والاستبداد من جلاديها ومفكريها المتطرفين ضد الفكر الإسلامي السليم , ولا يغيب عنا بالمقابل وجود آلاف المواقع للتواصل الاجتماعي التي تعمل بالضد من آلية تنوير العالم بسلمية هذه القضية المصيرية .
نحن اليوم بحاجة إلى تكثيف الخطاب الإسلامي المعتدل , فالوسيلة الإعلامية متاحة أمامنا , ولا نريد أن نبقى بلا لسان حال يتحدث عن قضية شمولية لا تستثني مذهب أو طائفة أو دين أو عقيدة أو قانون , فقضية الإمام الحسين قضية إنصاف واعتدال وكفاح وبناء حقيقي لأسس بنيوية للمجتمعات الإنسانية في عموم المعمورة .
https://telegram.me/buratha
