فؤاد الطيب
الجدل الكبير الذي رافق تظاهرات مدن الوسط والجنوب العراقية حول مدى سلميتها وامكانية استمراريتها في وجه الحكومة , ورفع سقف مطالب المتظاهرين ,كان الشغل الشاغل للمراقبين والسياسيين في الحكومة العراقية خاصة بعد خطاب المرجعية العليا بالنجف الاشرف , والذي ساند المتظاهرين واعطى الضوء الاخضر لهم بالتصعيد السلمي ضد الفساد بحال عدم امتثال الحكومة لمطاليبهم .
سلمية التظاهرات في معظم محافظات الوسط والجنوب , وعدم التمدد على ممتلكات الدولة ومبانيها , والابتعاد عن أي تصعيد مقصود يستهدف مضمونها والدفع بها الى مرحلة التسييس واللاعودة , بحال إجبار المتظاهرين على الانحراف ولو قليلا عن أهدافهم , رغم ظهور محاولات كثيرة للتشويه وابعاد التظاهرات عن أهدافها الحقيقية كما حدث في البصرة وذي قار وبغداد , الا ان المتظاهرين تمكنوا من المحافظة سليمة اهدافهم وتحديد مطالبهم .
الامر الذي دفع بالعبادي الى رفع اليد عن وزير الكهرباء قاسم الفهداوي والذي كان من اشد المعارضين لقضية الاستجواب التي تعرض لها الفهداوي في البرلمان , رغم الاداء السيئ الذي قدمته وزارة الكهرباء خلال الاربع سنوات الماضية والتي لاتختلف عن سابقاتها بشيء .
الاطاحة بالفهداوي كان نصرا كبيرا حققه المتظاهر العراقي بوجه الحكومة , رغم انه كان إجراء خجولا ومتأخرا جدا من السيد العبادي في معالجة الازمة الحالية والازمات الماضية عموما , حيث انه فجأة قام باطلاق الاموال في البصرة من البترودولار , وتخصيص عشرة الاف درجة وظيفية لابناءها , وتخصيص مبالغ كبيرة لاستكمال المشاريع الماخرة والمتوقفة منذ سنوات , وخص العبادي هذه الاصلاحات فقط للمحافظات التي اصابها التوتر والتصعيد , دون غيرها , خشية من سريان العدوى الى محافظات اخرى وفقدان زمام الامور .
انا شخصيا ومعي الكثير من المراقبين , أشك في مدى الجدية للسيد العبادي بتطبيق قراراته الاخيرة بشأن الاصلاح , حيث أنه ومع انتهاء عمر البرلمان العراقي للدورة الاخيرة , ليس له صلاحيات تنفيذ كل تلك المشاريع أو توفير كل هذه الاموال , انما هي خطوات يسعى السيد العبادي منها لامتصاص نقمة الشارع العراقي , وبالتالي الخشية من فقدانه فرصة الولاية الثانية , خاصة بعد تهديد المرجعية المباشر بضرورة اختيار رئيس وزراء قادر على ادارة الدولة بشجاعة كبيرة .
انصح السيد العبادي بالقيام بخطوات سريعة وكبيرة في محاربة الفساد , والعمل وفق مبدا ( عليه وعلى اعدائي ) وعدم الالتفات الى الولاية الثانية , وإعلان حرب حقيقية ضد الفساد , والقيام بعملية تنظيف واسعة ضد الفاسدين , رغم نفاذ الوقت أمامه , والإطاحة برؤوس مهمة هو يعرفها كما أطاح بالفهداوي , لتتساقط بعدها الرؤوس الصغيرة , وذلك لإثبات مصداقيته ووعوده التي مضى عليها سنوات بمحاربة الفساد , وليس الوقوف عند التصريحات الخجولة فقط , والا سيكون مصيره كمصير من سبقه , وعندها فسوف يكسب تاييد الراي العام العراقي وتاييد المرجعية العليا , وحتى المجتع الدولي سيكون الى جانبه .
https://telegram.me/buratha
