المقالات

المتدينون وقنينة الغاز

1885 2018-01-31

حيدر محمد الوائلي 

يُحكى أن امرأة عجوز كانت تسكن في قرية صغيرة في حقبة تسعينيات القرن المنصرم. أيام الحصار الذي نخر عظم المجتمع العراقي نخراً نشر السوء والشر وساهم بتغيرات كارثية بطريقة تعامل الناس ونظرتهم للحياة والدين والمجتمع. 

كانت المسكينة قد سُرِقت منها قنينة (دبة) الغاز الوحيدة عندها. 

حدثت السرقة في ليلة الجمعة (مساء الخميس) ففكرت أن تقف وسط الطريق في الصباح التالي وتسأل المارة من سكنة القرية فلعل ابن حلال في الزمن الحرام يأتيها بخبرٍ عنها لتتمكن من طبخ غدائها بعد أن إكتفت بخبزٍ وبعض خضارٍ طعاماً للفطور. 

في الصباح تفاجئت المرأة العجوز بخروج أكثر سكان القرية شيباً وشباباً نساءاً ورجالاً وهم متجهين تلقاء الجامع الكبير في القرية، فسألت شلة شباب وسألتهم متفاجئة حيث نست أن اليوم جمعة وفيها صلاة الجمعة: 

(وين رايحين حبوبة)؟ 

أجابوا: لصلاة الجمعة. 

فتسألت مرة أخرى: (كل هاي الناس رايحين لصلاة الجمعة). 

فرد الشباب بفخرٍ بان على وجوههم: الحمد الله على نعمة الهداية. 

فخاطبتهم متعجبة: (حبوبة!! إذا كلكم رايحين للصلاة جا يا هو باك قنينة الغاز مالتي البارحة)؟! 

وصفقت يداً على يد ومضت راجعة لبيتها. 

واليوم نسأل لماذا تتصدر مدن العراق سنة وشيعة قوائم الفساد والرشوة؟! 

ولماذا يتصدر العراق قوائم الفساد وهو حاضرة المسلمين سنة وشيعة؟! 

ولماذا رغم كل هذه الصدارة والتميز بالفساد والرشوة فهنالك في كل حي سكني هنالك جامع وحتى صار الجامع جوار الجامع؟!  وعند الزيارات والاحتفالات الدينية تخرج الناس جماهيراً غفيرة مهنئين فرحاً ومواسين حزناً حسب جو المناسبة. 

أقام رسول الله دعوة الله جميعها بمسجدٍ واحد وهدم الاخر (مسجد ضرار) لقيام منافقين فيه بتفريق المسلمين ونشر الفساد ولو فكراً. 

حقيقة وجوهر الدين في كل الأديان السماوية هو: (حسن معاملة الناس) و(خير الناس من نفع الناس) و(المسلم من سلم الناس من يده ولسانه) و(ولقد كرمنا بني ادم) و(حرمة عبد مؤمن أشد من حرمة الكعبة) و(الكافر العادل خير من المسلم الجائر) وغيرها كثير من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وما شابهها في اديان اخرى والمشددة على ضرورة واهمية الاهتمام بالمجتمع قبل طقوس الدين. 

ليس الدين حركات عبادية وتعابير لفظية يرددها البعض كالببغاوات. إنما الدين صفاء الروح في العبادات بينك وبين الله وحسن المعاملة والتعامل مع الناس في المعاملات وأن تتحدث خيراً أو تصمت، وأن تجعل حياتك ذات قيمة وهدف. 

ليس الدين سلعة تباع وتشترى في سوق المتعة والحقد والعصبية. يُساق الدين وفق غل النفوس ومشتهياتها. 

( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) 204/البقرة. 

فالدين أسمى وأطهر وأنقى من أن يكون سلعة أو خزعبلات أو مظاهر أو قشور بل هو تنقية للروح من أدران الدنيا وسوءها. 

الدين وسيلة لتنقية الروح من أوساخ الدنيا وحيل النفاق ليتسنى العيش بسلام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك