هادي العكيلي
يبدو أن العراق يتجه نحو بوصلة التقسيم على مبدأ الأقاليم بصلاحيات شبه مطلقة ما بعد داعش . فقد نجد واشنطن تسعى هذه الأيام إلى مداولات دقيقة وعلى مستوى رفيع للفترة التي تعقب طرد تنظيم داعش من العراق . وذكرت تسريبات من مصادر أن “مسؤولين أمريكيين من المخابرات المركزية CIA والخارجية ولجنة الأمن في الكونغرس التقوا سياسيين عراقيين من مختلف الأطياف في أوقات وأماكن عدة منها لندن وأربيل وبغداد وعمّان،وجرى إبلاغهم أن القناعة الأمريكية ولعوامل مؤثرة استقرت على إن هناك عجزاً غير قابل للمعالجة في استمرار الحكم في العراق وفق الوضع الحالي.
فيكون تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم رئيسية تخضع لحكم فيدرالي في بغداد هو الشرط الأساس لحسم ملف تنظيم داعش وتطهير العراق شبراً شبراً منه وإنهاء جميع السلطات الثانوية التي تحل مكان السلطة في بغداد الآن وخاصة المليشيات المنقادة بأوامر إيرانية”. و لقد أبلغت واشنطن المسؤولين والسياسيين العراقيين أن عليهم أن يصفوا المشاكل بينهم كشخصيات وكتل وأن يتفاهموا على مشتركات أساسية للعيش في العراق كبلد واحد لكنه غير مركزي وتتمتع أقاليمه بصلاحيات شبه مطلقة لاسيما في الاقتصاد والاستثمار الخارجي والشؤون الخاصة للمجتمعات المحلية.
وقد أكدت واشنطن تعهدها أن تتولى حماية الحكم الفيدرالي الجديد في العراق بتأييد من مجلس الأمن مع العمل على مساندة حيدر العبادي كرئيس لحكومة فيدرالية تمثل العراق بما يشبه النموذج السويسري. كما سيتم إعلان العراق كمنطقة إستراتيجية من الدرجة الأولى ترتبط أمنها بالأمن القومي الأمريكي، وسيتم إبلاغ ايران بالعودة الى حدود ما قبل ٢٠٠٣ على جميع الأصعدة والعمل من خلال تمثيلها الدبلوماسي الرسمي في بغداد فقط كما هو حال التمثيل الدبلوماسي العراقي في طهران . وان من المشاكل التي تواجه واشنطن والتي تسعى لإيجاد حل لها مع سياسيين وخبراء عراقيين هي تسمية الأقاليم في مسعى واضح لتجاوز مصطلح الإقليم السني أو الإقليم الشيعي. ولا توجد مشكلة مع إقليم كوردستان ” .
وقالت المصادر، إن” أكثر من مسؤول أمريكي أكد أن الاتفاق على الشكل السياسي للعراق وأقاليمه هو الأساس، وإنه بعد ذلك سيكون تنظيم داعش وأية صيغة عسكرية مسلحة من الماضي المقيت الذي لن يتكرر أبداً . من الملاحظ أن “خطة تحرير الموصل منجزة وهناك تأكيدات على جدول زمني قصير للغاية لتنفيذها، وأن اقليم كوردستان على اطلاع بتفاصيل التفاهمات العسكرية والسياسية التي تجريها واشنطن للمحافظة على وحدة العراق الفيدرالية في نطاق ثلاثة أقاليم الى جانب اقليم العاصمة الفيدرالية والذي يرمز له بالحرفين CF”. ، وأنه جرى أبلاغ عدد من العواصم العربية المهمة بصيغة العراق الجديد ما بعد داعش، وأن جسراً جوياً لا تقل مدته الزمنية عن ستة شهور متواصلة سيستمر في دعم الإقليم السني من أجل النهوض به كون مدنه محطمة وبنيته التحتية مسحوقة بفعل الحرب قياساً الى الاستقرار النسبي في الجنوب فضلاً عن إقليم كوردستان .
يبدو إن هناك اتفاقاً على تنحي عدد كبير من الوجوه التي كانت متداولة في السنوات العشرة الأخيرة وصعود وجوه جديدة، وإن العراق الجديد سيتعامل مع فترة فيدرالية انتقالية يتم فيها تجميد وإلغاء العمل بجميع القوانين التي صدرت على أساس سياسي ومنح الأقاليم وبرلماناتها صلاحيات سن القوانين المتوافقة مع حاجة المجتمعات المحلية، وسيتم التعامل مع العراقيين من خط شروع واحد بعد أن تتطهر صفوفهم من أية عناصر إرهابية ومتطرفة بفعل الحرب التي ستقع والقوانين المدنية الجديدة التي ستسهم في بناء مجتمعات متطورة بفعل الدعم الدولي وعودة الكفاءات العراقية في الخارج والداخل لبناء البلد وإعلان انتهاء الفترة المظلمة والشاذة والدموية التي عاشها العراق ومدنه ما بعد ٢٠٠٣ وتجاوز كل صيغ الحكم المتخلفة البدائية بعد ٢٠٠٣.
الكاتب والاعلامي / الحاج هادي العكيلي
https://telegram.me/buratha
