المقالات

ولنا في ساستنا أسوة ولكن!


بقلم : علي علي 

مازالت الأمواج في ساحة عراقنا الجديد تتلاطم في لج بحور عديدة، وكأن ظلم العقود الماضية وظلماتها لم تكفِ السلاطين الذين تناوبوا على استحواذ هذه الرقعة الجغرافية (فلاحة ملاچة) سحتا، ولم تروهم أرضها دماءً، ولم تشبع غرائزهم السادية في جلد ابناء هذا البلد، الذين ولدتهم أمهاتهم أحرارا فاستعذبوا استعبادهم. ومعلوم أن المقارنات عادة ماتكون بين رديء وجيد، او بين جيد وأجود، او سيئ وحسن، أو بين حسن وأحسن، لكن، ولسوء طالع العراقيين نرى ان العقود تتعاقب عليهم وهم بين خيارين لاثالث لهما، فهم بين السيئ والأسوأ، وكذلك الأحوال بين الرديء والأكثر رداءة، إذ لا وجود للأجود والأحسن ولا للجيد والحسن في يومهم. ولسوء طالع العراقيين أيضا، أن القريب والـ (منك وبيك) هم الذين تصدر منهم الإساءة، فكأنهم يحتكرون الطيب -إن وجد- ويبدون الخبث ويتعاملون وفقه، ولعل بيت طرفة بن العبد الذي أنشده قبل 1450 عاما يجسد ألم المعاناة حين تأتي من قريب فقال: 

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة 

على النفس من وقع الحسام المهند 

وقد شكى طرفة فيه الظلم الواقع من القريب حصرا، إذ الغريب ديدنه الأذى بأشكاله كلها، وليس جديدا او غريبا إن ظلم أو قسا، ولعل صاحب مثلنا الدارج حاكاه في مقصده، حيث قال: (الحمى تجي من الكراعين)..! 

يروى ان رجلا حكم عليه بالرجم لذنب اقترفه، فدفن في حفرة حتى منتصف جسده، واخذ جميع المارة يلقمونه بما يقع بأيديهم من الحجارة بأشكالها وأحجامها، وكان المرجوم صامتا لايشكو من الحجارات التي تصيبه، مع أن الجميع كانوا يرمونها بما أوتوا من قوة، الى أن مر أحدهم وكانت في يده وردة يستطيب عطرها فرجمه بها، فما كان من صاحبنا الا ان صرخ صرخة عالية، وراح يتأوه ويصيح من شدة الألم، الأمر الذي لفت أنظار الناس جميعا، فأمسكوا عن قذفه بالحجارة، وأقبلوا عليه يسألونه عن سر صراخه وتألمه من الوردة، في وقت لم يكن يبالي بما يصيبه من أحجار، فقال: ان الذي ضربني بالوردة كان من خيرة اصدقائي، وقد تسببت الوردة بألم مبرح لم أطقه، وكان وقعها أشد وأقسى من جميع حجاراتكم. 

هكذا إذن، ترتبط شدة الألم والمعاناة ارتباطا وثيقا بمن تسبب فيهما، وكم هو كبير ذاك الإحباط الذي يصيبنا إن كان المسبب قريبا منا أو كما نقول؛ (منا وبينا). ولعلي أوفق في التشبيه والتجسيد فيما أنا ماضٍ فيه، إن ذكرت أبيات الشاعر الجاهلي علي بن فضال المجاشعي التي قال فيها: 

وإخوان حسبتهم دروعا 

فكانوها ولكن للأعادي 

وخلتهم سهاما صائبات 

فكانوها ولكن في فؤادي 

وقالوا قد صفت منا قلوب 

لقد صدقوا ولكن من ودادي 

وقالوا قد سعينا كل سعي 

لقد صدقوا ولكن في فسادي 

إن ماقاله الشاعران آنفا الذكر كان قبل قرون عدة، فهل ياترى ارعوى الإخوان وذوو القربى واتعظوا بها؟ أم تمادوا في الظلم والأذى!. لا أظن الإجابة بعيدة عنا جميعا، ولنا في ساستنا وحاكمينا ومن أشرنا اليهم بأصابعنا البنفسجية مرات ثلاث خير مثال. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك