باقر العراقي
يبدو أن المشهد في اسطنبول مشابه لما يجري في بغداد، سيارات مفخخة تضرب أينما تريد، وارتفاع في العملة الوطنية، وخصومات سياسية تودي بضلالها على الواقع الأمني والمجتمعي، طائفية وفساد ومستقبل قد يكون شبيه لما حصل في بغداد قبل 10 سنوات.....!
السيد "يلدرم" أثناء زيارته الى بغداد يوم أمس بدا عليه الوداعة والتودد، وهو يحتضن بين ذراعيه السيد العبادي كأنهما أخوين فرق الدهر بينهما، هذا المشهد يختلف تماما عما حصل بين البلدين خلال الفترة القليلة المنصرمة، وما تخللها من مشادات سياسية بين مسؤولي البلدين.
تركيا لديها تبادل تجاري يقدر بحوالي 130 مليار دولار سنويا، مع كل من العراق -سوريا -إيران وروسيا، بالإضافة إلى السياحة والتي تعتبر؛ مع الصناعة والتجارة عصب الاقتصاد التركي، فإن حصل خلل في هذه المفاصل الثلاثة، لأنهار الاقتصاد التركي وسقطت دولة "اردوغان"، وما الارتفاع الحاصل في الليرة التركية إلا جرس إنذار لما سيحدث مستقبلا.
الاتحاد الرباعي الجديد"روسيا- إيران- العراق- سوريا" من جهة، والاتحاد الأوربي من جهة أخرى، بالإضافة إلى الدولة العظمى في العالم " الولايات المتحدة الأمريكية" كلها دول تقع في قلب الحدث الشرق أوسطي الحالي، وكلها تتنافس مع تركيا، مرة في قضم الأرض السورية، ومرة في إيجاد منفذ للغاز الروسي والخليجي نحو أوربا، ولتسيد منطقة الشرق الأوسط في مرته الثالثة.
لم يبقى لتركيا من العالم، سوى دول الخليج "اليتيمة "الخانعة لها، والباحثة عن أب يرعاها ويقودها، بعد تغير السياسة الأمريكية تجاهها، من خلال الإشارات الواضحة للرئيس"ترامب" سيد البيت الأبيض الجديد، خلال حملته الانتخابية الماضية.
دول الخليج جفت بنوكها، وضحلت آبارها النفطية، ولم يبقى لديها ما تعطي لتركيا سوى الفكر الوهابي، ومزيد من البهائم والانتحاريين، مما يعني المزيد من المفخخات في أنقرة واسطنبول، ومزيد من التدهور الأمني الذي يغطي بضلاله على الواقع الطائفي والقومي في تركيا بشكل عام.
تغير السياسة التركية تجاه بغداد، وتصريحات السيد بن علي يلدرم رئيس الوزراء التركي قببل توجهه الى بغداد، والذي قال فيها "بأن تركيا لا تستقر أمنيا إلا يعد أن يعم السلام في سوريا والعراق، وهذا اعتراف صريح بسياسة بلده الخاطئة في سوريا، ولا يريد الآن أن يخسر العراق كما خسر سوريا، وكاد أن يخسر روسيا، أبان مقتل سفيرها في اسطنبول.
"يلدرم" خلال جولته في بغداد وأربيل، لم يذكر كلمات أكثر من الإرهاب والاقتصاد والاستثمار، مما يوحي بأن تركيا في مأزق كبير جدا، والظروف القاسية والمستقبل المظلم يسيطر على مخيلة مسؤوليها من كل جانب، وما زيارة رئيس الوزراء التركي للعراق، إلا لطلب الصفح، والاستجداء من بغداد اقتصاديا وسياسيا وامنيا..!
https://telegram.me/buratha