قيس النجم
"فقدت حريتي ولكني لم افقد عقلي فما زال يعمل"، لوحة ورقية ليس أكثر، ولكن عندما تصبح هذه اللوحة رمزاً، وصوتاً مدوياً يرعب السفهاء والجبناء، فهذه نعمة من نعم الخالق، وعلى وجه الخصوص صورة البخاتي وباقي الشهداء، الذين قارعوا حكم البعث الهدام، وبقيت أرواحهم مستمرة في صراعها منذ ذلك الوقت، حتى يومنا هذا وهي تقارع الإرهاب، وسحقت فكرهم الأهوج، وتكفيرهم، وتعصبهم، فلم يوقفهم غير الشهادة، التي كانت عيونهم تصبو إليها دائماً.
مؤكد بأن الصور تستمد قوتها من سمو أصحابها، ولهذا فهي ترعب الجبناء، والطغاة في نفس الوقت، ومحاولتهم البائسة، بحرق صورة الشهيد صالح البخاتي (رضوانه تعالى عليه) إنما يقومون بما قام به أزلام الطاغية يزيد، وكأنهم يعيدون كلامه: لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية، فهؤلاء الشهداء يمثلون تتمة لمسيرة العشق الحسيني، الرافض للإستعباد والظلم والقمع، فكم أخافتكم صورة السيد البخاتي، أيها الأوغاد؟ لتتجرؤوا بحقدكم وتمزقوا أو تحرقوا صورته؟ كم انتم جبناء!
إنها صورة رمزية للشهيد، ولكنها أصبحت مشهداً مكملاً للصورة الإنسانية، التي يمتلكها هذا البطل، سيما وأنها حفظت عمق الألفاظ التي كتبت على الصورة، مثل كلمة عطاء، مسيرة، وجهاد، رجال أحرار، وهيهات منا الذلة، على خُطى الحسين، وجميعها عبارات تضفي عليها الهيبة والقداسة، التي لا ينالها إلا ذو حظ عظيم، والبخاتي أحب الله كثيراً، وأحبه الله ورسوله حتى نال الشهادة، التي يتمناه الرجال الأحرار أمثاله.
عندما تشاهد صور هؤلاء الشهداء، كالشهيد السعيد صالح البخاتي (رضوانه تعالى عليه)، فإنك تتذكر كيف أنهم إنتهزوا الفرصة للفوز العظيم، فمنحوا أرواحهم للأرض والعرض، فأفضل العبادات هي لقوم عبدوا الله شكراً، ورغبة للقائه فتلك عبادة الأحرار، وما يصلون إليه من مكانة، تجعلهم يرون الشهادة أحلى من العسل، فالموت في درب الحسين، يمثل الهوية الحقيقية للشرفاء، من على شاكلة البخاتي، لذا تجد المضغوطين والجبناء، يمارسون هذا الفعل الجبان، متوهمين أن الصورة وصاحبها سريع الزوال، ولا يدركون إنهما سريعا الذوبان، عشقاً وحباً في أرض العراق الطاهرة ومقدساته.
ختاماً: ناركم البائسة لن تنال من رموزنا، فهم ساكنون في الضمائر، وبمسيرة الأربعين سيتجدد النداء: هيهات منا الذلة، عندها لن تنفعكم نيرانكم الخائبة وحقدكم الأسود، فلا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
https://telegram.me/buratha
