ل
للكاتب / ظافر عبد الوهاب .
التغيرات الأخيرة في المشهد التركي اتجاه العراق لم تكن لحماية امن تركيا بتاتاً ولا لضمان استقرار تركيا ولو كانت كذلك لشهدنا تحرك تركي اكبر اتجاه إقليم كوردستان العراق واتجاه تنظيم الــ(PKK ) والأخير قد تبنى اكثر من عشرة تفجيرات هزت المدن التركية في العامين الأخيرين , تركيا بحكومة اردوغان الحالية تسعى جاهدة بحلمها المستحيل المنال هو العودة الى زمن ولى وانقضى والرجوع اليه صعب وهو زمن ضم مدينة الموصل العراقية للحدود التركية وترتكز أحلام اردوغان على خلفية تاريخية قديمة منذ الزمن العثماني وحكم الدولة العثمانية وقد تحركت هذه القضية سياسياً ولأول مرة عندما تقلد (مصطفى كمال اتوتورك ) مقاليد الحكم في تركيا وتطور العلاقات مابين تركيا وبريطانيا آنذاك حيث بدأت مطالبة الأتراك بضم ولاية الموصل لتركيا تزامناً مع تنازل فرنسا عن مدينة الموصل وتسليمها لبريطانيا ووضعها تحت الانتداب البريطاني عقب الحرب العالمية الأولى وقدم مصطفى كمال اتتورك آنذاك حجج واهية ولا مصداقية لها أبرزها الامتداد السكاني لتركيا في الموصل حيث كانت الموصل آنذاك ذات كثافة سكانية كوردية وتركية ( من حملة شهادة الميلاد العثمانية ) وكذاك حجج الامتداد الجغرافي مابين تركيا والعراق , في نهاية الأمر تشكلت لجنة من عصبة الأمم وخرجت اللجنة بمقررات أهمها
1- بقاء ولاية الموصل ضمن الحدود الإدارية للعراق واعتماد خط بروكسل العسكري خطاً فاصلاً مابين العراق وتركيا
2- يعد الكورد الكثافة السكانية الأعلى بالموصل وضواحيها وبذلك يمنح الكورد الحق بالتعليم والعمل وممارسة أنشطتهم الخاصة بهم واستخدام اللغة الكوردية بمناطق الموصل واقضيتها
3- يبقى العراق تحت الانتداب البريطاني لمدة 25 سنة اخرى
4- يعطى الأتراك حصة من نفط مدينة الموصل . وقد وقعت هذه الاتفاقية بهذه المقررات بتاريخ الخامس من حزيران 1925.
وبعد هذه السنوات الطويلة يحاول اردوغان أعادة فتح ملف مدينة الموصل ولكن بطريقة جديدة لا تخلو من الدهاء والحنكة العسكرية والسياسية وهي تواجده على ارض الموصل اولاً ومن ثم فتح الملف دولياً باعتبار ان تواجد قواته على ارض مدينة الموصل و أحالة الملف دولياً يجعله غير ملزم بقبول جميع القرارات خصوصاً ان كانت القرارات سلبية ( بالنسبه له ) وتعتمد على قرارات لجنه الخامس من حزيران من عام (1925) , مستغلاً الضعف العام في جميع مفاصل الدولة العراقية فالحكومة العراقية تخوض حرباً ضروساً مع الإرهاب وتخوض حرباً سياسية فيما بينها والكتل السياسية متصارعة وتخوض في معترك الإصلاحات والاهم من ذالك ان اردوغان يستغل الوتر الطائفي بالعراق ونفور أبناء المناطق السنية من الحكومة وإجراءاتها اتجاههم وشعورهم بالظلم والتهميش والتقصير وشعورهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية , وهو يحاول جاهداً رسم صورة القائد الإسلامي السني المنقذ لأبناء تلك المناطق , وبنفس الوقت يروم اردوغان الى الدخول للتاريخ من نفس البوابة التي دخل منها السلاطين العثمانيين وهي بوابة الفتوحات . أضف الى ذلك الأزمة الاقتصادية التركية التي بانت ملامحها واضحة أثناء المقاطعة الاقتصادية التركية مع روسيا حيث شهدت تركيا ارتفاعاً ملحوظاً بأسعار الوقود والغاز وصار من الضروري توفير مصدر نفطي أخر لأردوغان .
أحلام اردوغان على ارض الموصل الساخنة ليست سهلة المنال كما يتوقع هو ومن وضعوا أيديهم معه من السياسيين العراقيين ( عرباً وكورداً ) فلازال هناك خيارات مطروحة أمام الحكومة العراقية والشعب العراقي بغض النظر عن خيارات مجلس النواب الأخيرة التي تقتضي التحرك السياسي الإقليمي والدولي اولاً ومن ثم التحرك العسكري بل هناك خيار اللجوء للموقف الأمريكي ما بعد نهاية معركة الموصل .
https://telegram.me/buratha
