المقالات

المتضررون من سياسات النظام البائد وواجب تعويضهم في الدستور

1368 21:26:00 2007-11-04

( بقلم : د. نجاح العطيه)

لا يمكن بأي حال من الأحوال حصر وتوصيف المعاناة الرهيبة التي سببها النظام المقبور للشعب العراقي والتي ما تزال افرازاتها الأمتدادية شاخصة حتى وقتنا الحاضر حيث ان كل ماوصل أليه العراق وشعبه كان بسبب تلك السياسات المجنونة الظالمة والطائشة لرأس النظام صدام وأركان حكمه باعتبار أن ما نشاهده اليوم هو نتيجة منطقية لمقدمات جرائم صدام الكوارثية وظلمه الغريب لشعب العراق على مدى أكثر من اربعة عقود بغيضه.وليس من السهولة بمكان تعداد آثار الظلم المادية والنفسية والمعنوية والتي عانت منها شرائح كبيرة من ابناء المجتمع العراقي وعلى وجه الخصوص من كان يعارض سياسات النظام البائد بشكل او بآخر ومن بين هؤلاء الشباب الذين كانوا يقاومون ويرفضون الحروب الظالمة التي كان يشنها صدام ونظامه اللا أنساني على دول الجوار وشعوبها.

وابتداءا من شن ذلك النظام لحربه الباغية على دولة الجمهورية الاسلامية الايرانية ودولة الكويت وحتى لحظة سقوطه الأخيرة تخلفت وفرت مجاميع كبيرة من الشباب العراقيين الذين كانوا يعلمون علم اليقين انهم حين يساقون قسرا لأداء الخدمة العسكرية أنما يساقون لخدمة أهداف النظام وسياساته الشريرة وخدمة أبناءه وعائلته والتي أدت الى تدمير العراق وخرابه وأفناء شبابه الذين هم الطاقة الحقيقية للشعب وان قتلهم خلال تلك الحروب العبثية يعني فقدان الشعب لأهم شريحة فاعلة تساهم في بناء البلد وأدامة استقراره وتقدمه .

وهذه المجاميع الوطنية والتي كان يدفعها الشعور الوطني الصادق والحس الغيور للحفاظ على دماء أبناء العراق من خلال عدم مساهمتها في أداء الخدمة وتخلفها عن أداء هذه الجريمة البشعه قد تحملت معاناة وآلاما وظروفا معيشية قاسية تنوء لحملها الجبال الراسيات وامتدت هذه المعاناة الغريبة العجيبة طوال فترة امتدت أكثرمن 23 عاما فمنهم من وقع في قبضة السلطة الغاشمة وتم تطبيق حكم الأعدام بحقه في الشوارع والساحات العامة بل وكانت سلطات النظام الغاشم تستوفي ثمن الاطلاقات التي تخترق الجسد الشريف للشاب الذي يتم أعدامه من ذويه ويتسلمون وصلا بانهم دفعوا المبلغ لكي يزيد النظام في جلب الالم والمعاناة لاهالي المعدومين ومن هؤلاء الشباب من بقي متخفيا وملاحقا في داخل البلد ومنهم من تمكن من الخروج من العراق وهم في كل هذا كانوا يعيشون وضعا نفسيا واجتماعيا واقتصاديا رهيبا لم يسبق له نظير في تاريخ الأزمات الخانقة التي مرت بها شعوب الأرض على مر التاريخ .

أذ أن النظام البائد كان يحاول أغلاق كل طرق الحياة أمام هذه المجاميع كي لاتستمر في مقاومتها لسياسات النظام الطائشة المجرمة من خلال تخلفها وكما هو معلوم للمراقبين للشأن العراقي آنذاك فأن النظام البائد كان قد استخدم برنامجا معقدا وخططا منهجية غاية في الوحشية والظلم لقطع الطريق على هذه المجاميع من الاستمرار في نهجها المعادي لجرائم النظام وكلنا يتذكر وبألم تلك العقوبات البالغة القسوة والشذوذ والتي لم يعرف لها مثيل في تاريخ الجيوش والتي أولها التعذيب في معتقلات النظام وسحب دماء المعتقل قبل أعدامه أو أجراء التجارب الكيمياوية على أولئك المعتقلين قبل أعدامهم لمعرفة أثر استخدام الأسلحة الكيمياوية على الأنسان قبل استخدامها أثناء الحرب العراقية الأيرانية أو عمليات قطع الآذان ووشم الجباه وقطع الأيدي والأرجل ومصادرة أموال المتخلفين أوالهاربين المنقولة وغير المنقولة أو اعتقال أفراد عائلته كرهائن حتى يسلم نفسه للنظام فيما تطال عقوبة الأعدام عوائل هذه المجاميع بتهمة التستر على أبنائهم أو عدم السماح للمتخلف من الزواج وذلك من خلال منع تسجيل عقد زواجه في المحاكم العراقية الا بعد أن يتم تثبيت موقفه من خدمة النظام من قبل دوائر التجنيد الصداميه وهذ يعد من أغرب القوانين التي لم يسبق لطاغية أن أصدره على وجه الأرض.

لقد حاول الطاغية المرعوب من شعب العراق تدمير حياة هذه الفئة المهمة من فئات الشعب وأغلق فرص العمل والحياة الطبيعية بوجهها وبقي من تبقى من هذه المجاميع على قيد الحياة على الرغم من توالي السنين الطوال وزادها الصبر الذي مل الصبر منه حتى لحظة سقوط الصنم بأرادة الله سبحانه وتعالى وبعد التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء الشعب على مذبح الحرية للتخلص من هذا النظام اللاأنساني وهذه العصابة التي لاتنتمي الى عالم البشر.

أن الوصف اليومي الدقيق لهذه المحنة الطويلة يحتاج الى مجلدات عديدة لكي يقف القاريء على تفاصيل هذه الجرائم التي سحق بها صدام أنسانية الأنسان العراقي وآدميته البشرية وكرامته وحقه الطبيعي الذي كفلته له جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضعية وقوانين حقوق الأنسان وعلى أية حال فأن من تبقى من أفراد هذه المجاميع على قيد الحياة ربما أبقاهم الله سبحانه كي يكونوا شهود أثبات على جرائم النظام البائد ويتحدثوا للعالم عن مظلوميتهم ونضالهم ووقوفهم البطولي بوجه أبشع طاغية على وجه الأرض وكيف أنهم تزوجوا الموت زواجا قد امتد في كل ثانية من عمرهم وقتذاك وانتهت محنتهم بسقوط الصنم الصدامي بعد أن كان الأختفاء والتخفي هو زادهم اليومي وبعد أن تجاوزت أعمارهم الخمسة وأربعين عاما وقسم منهم بقي بلا زوجة أو أسرة خاصة أو عمل أو راتب يكفل له معيشة يحفظ بها كرامته بسبب ممارسات ذلك النظام الآنفة الذكر.

أن محنة من بقي على قيد الحياة من هذه المجاميع الوطنية الشريفة والأضرار المادية والمعنوية والنفسية الكبيرة جدا والتي لحقت بهؤلاء والضرورة الملحة بوجوب تعويضهم عن كل ما لحقهم من أضرار وتخصيص راتب تقاعدي لهم ومنحهم قطع أراضي سكنية وتشكيل هيئة لمتابعة شؤونهم لهو حق من أبسط الحقوق الواجب تقديمها لأفراد هذه الفئة الوطنية المتضررة من الممارسات التعسفية للنظام الصدامي المقبور جنبا الى جنب عوائل الشهداء والسجناء السياسيين الشرفاء والذي يفترض أن يأخذ الأهتمام الجدي والسريع من قبل مجلس النواب العراقي والحكومة العراقية وضرورة أصدار قانون لضمان حقوق هذه الفئات التي تعتبر التوأم الشرعي لفئة السجناء السياسيين أو عوائل الشهداء الذين أعدمهم النظام البائد لاسيما وأن الدستور العراقي الدائم أشار في المادة(128) الفقرة(1) الى وجوب أن( تكفل الدولة رعاية ذوي الشهداء والسجناء السياسيين والمتضررين من الممارسات التعسفية للنظام الدكتاتوري البائد).

أن الواجب الوطني والأخلاقي والقانوني والدستوري يحتم على مجلس النواب والحكومة العراقية والتي صوت لهما الشعب العراقي وكجزء مهم من اولويات أستحقاقاتهما الأنتخابية أن يسارعا الى أصدار القانون الخاص بتعويض هذه الفئة التي ظلمت أيما ظلم فاحش كما هي حال ومظلومية عوائل وأبناء الشهداء الذين أعدمهم الطاغية المقبور وكما هي أيضا استحقاقات الأخوة السجناء السياسيين وهم التوأم الشرعي الحقيقي للمتضررين واكرر أن هذا الأمر هو في حقيقته أقل واجب تضامني لرد بعض الاعتبار لهذه الفئات المظلومة والتي ما زالت تعاني الأهمال والنسيان حتى وقتنا الراهن وعلى مجلس النواب والحكومة العراقية أن لايغضا الطرف عن هذا الموضوع الواجب التفعيل ففي اهمال هذا الواجب تخاذل عن نصرة الحق وأصحابه وتقصير في دعم مظلومية الشرفاء من ابناء العراق الغيارى الذين ضحوا بوجودهم ومستقبلهم من أجل كرامة وعزة العراق وشعبه وتذكروا أن الوقوف مع هؤلاء المظلومين ليس منة أو عطفا أوصدقة يمن بها مجلس النواب أو الحكومة العراقية على هؤلاء الأبطال النجباء بل هو جزء بسيط من رد اعتبارهم وبعد أن أعيد القسم الكبير من البعثيين الى وظائفهم بل وضمنت حقوقهم وبأثر رجعي من قبل الحكومة العراقية ومن بينهم أعضاء الشعب والفرق البعثية الذين كانوا الأذرع التي يبطش بواسطتها الطاغية ويسوم العراقيين سوء الويلات والالام والعذاب فكيف يبقى الشرفاء العراقيون المتضررون دون رد اعتبار حتى هذه الساعة سؤال ستكشف الايام القادمة مدى جدية مجلس النواب والحكومة العراقية في الرد عليه لاسيما والكل يعلم ضخامة الأمتيازات المالية التي يتمتع بها أعضاء مجلس النواب والوزراء في الحكومة العراقية بينما بقي أخوانهم المتضررين والسجناء السياسيين وعوائل الشهداء بلا مصدر معيشي يكفل لهم الحياة الكريمة لولا رحمة الله الواسعة ونذكر مجلس النواب والحكومة العراقية المتناسين والمتغافلين عن هذه الفئة المناضلة الشجاعة بأنه وكما روي عن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه واله أنه قال ( ليس منا من بات شبعان وجاره جائع).

د. نجاح العطيهكاتب وباحث في الشؤون السياسية والدوليه

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
babylon
2007-11-09
والله انا اكثر العوائل تضررا بس انا مستعد ان اتنازل على كل حقوقي او تعويضات بشرط على الحكومه ان تطرد كل الفلسطينيين والعرب الجرب من ارض الرافدين
نجل الشهيد
2007-11-04
استطيع ان اقول ان الدكتور نجاح العطية هو انسان مخلص لوطنه وشعبه ولدماء الشهداء , واحب ان ابشر الاخ الدكتور لقد تم توزيع قنينة غاز فارغة لكل عائلة شهيدفي مدينتنا وبعد ان عرفنا ان القناني مسروقة من الدولة في بداية السقوط قام البعض بارجاعها, ولحد الان لم نستلم اي شئ واتحداهم كمسؤلين اذا قدموا لنا اي شئ .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك