المقالات

رسالة الإصلاح بين الإمام الحسين والسيستاني|| عمار العامري

2657 2016-10-02

عمار العامري

   كانت رسالة الإمام الحسين؛ موجهه للأمة قبل أن تكون إلى يزيد, لأنه لم يتسلط لولا رضا المجتمع بأفعاله, لذا فأن الانتصار الأولي كان عسكرياً, بسبب التخاذل والانصياع للباطل, والخضوع لأساليب أبن زياد؛ وأهمها شراء الضمائر, وهذا ما واجهه السيد السيستاني.

   لاشك إن مبادئ الإصلاح واحدة في مختلف الأيديولوجيات, فالكل تريد إصلاح الأوضاع العامة, وتغيير أحوال الناس, والنهوض بالبلاد والعباد, ومعالجة هيمنة أصحاب النفوذ والسلطة والحكم, فاستخدام أسلوب تجويع الشعوب وإذلالها, ما تجعلها تبحث عن مصادر عيش, والقبول بأدنى, يعد من الممارسات المستخدمة قديماً وحديثاً, وبالمقابل تجد هناك صرف للأموال في الملذات من قبل المترئسين والتابعين لهم, ما يعكس حالة سلبية.

   كما يستخدم الحكام أسلوب القمع للمعارضين والمنافسين؛ فتارة بالقمع الاضطهادي والإجباري؛ كالقتل والتهجير والتغييب, وتارة بالقمع السياسي والإعلامي؛ كالاستهداف والإقصاء وقلب الحقائق, وغسل الأدمغة بوسائل الإعلام, والابتعاد عن بناء مؤسسات الدولة, وتشجيع الممارسات المتخلفة, كتمكين النظام القبلي, والولاء الحزبي من خلال نشر الانحراف الفكري, وفسح المجال لانتشار الفساد الاجتماعي, وتفشي الرشا, وتجهيل المجتمع بالأمية, وتضعيف حالة الوعي, وضرب السلم المجتمعي.

   فضلاً عن إبعاد تفكير الناس بأمور المصالح العليا للأمة, ما يجعل الفرد يفقد الشعور بالروح الانتماء للوطن والعقيدة, ويصب اهتمامه على الأمور الخاصة فقط, وهذا بحد ذاته غاية المتسلطين لنهب الثروات الوطنية, والمغامرين بمصائر الناس, وادخال البلاد بالأزمات, لذا لا تجد اهتمام بأرواح الناس, وحفظ ممتلكاتهم, ما جعل المجتمع يحبط ويصاب باليأس, وكأنما خاضع لقوانين الغاب, وحكم القوي على الضعيف.

   عندها بدأ الإمام الحسين بالتخطيط لإصلاح ما افسد بالأمة, بعدما خالف يزيد اتفاق الإمام الحسن ومعاوية, ونصب نفسه خليفة, كونه لا يرتقي لهذا المقام, أعلن الإمام الحسين أهدافه "إني لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا, وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي, أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ, وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأَبي عَلِيّ بْنِ أَبي طالِب".

   ووفقاً لذلك؛ فأن تحركه كان من اجل الإصلاح, والذي يعتمد التغيير التدريجي؛ أي الأسلوب السلمي وليس بالعنف, لان الثورة؛ تعني التغيير الشامل في نظام الدولة, وكيان المجتمع وسياسته, وهذا ما لم يستطع عليه, إذ وجد إن أساليب الطواغيت قد نفذت في المجتمع, واصطف أهل الحل والعقد مع الحاكم, فلم يجد حل سوى التحرك الإعلامي الناجح, لردع انزلاق المجتمع نحو الهاوية.

   الأمر الذي نلتمسه في توجيهات السيد السيستاني الإصلاحية؛ إذ دعا "إن توضع خطة مدروسة وعملية للإصلاح الحقيقي, وأهمها؛ ملاحقة ومحاسبة المسئولين عما جرى خلال السنوات الماضية من ضياع مئات المليارات في مشاريع وهمية ومقاولات وفساد، وإن الإصلاح يبدأ بملاحقة ومحاسبة من افسدوا, وضيعوا أموال الشعب العراقي, أو استحوذوا عليها, واسترجاع الأموال منهم, ويعاقبوا على جرائمهم بما يناسبها, وإلا سيستمر الفساد".

   وبناءاً على ذلك؛ نجد إن الظروف السياسية والاجتماعية, التي مرت فيها الأمة في زمن الإمام الحسين, نفسها التي تمر فيها الأمة بزمن السيد السيستاني, وعليه بادر المرجع الأعلى؛ لإعلان الإصلاح في الدولة العراقية, لإنقاذ البلاد والعباد, حيث أن الرؤى والأهداف متطابقة في رسالتي الإصلاح مع تشابه نفس أسباب وتداعيات الانحراف.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك