المقالات

متى تستفيق المـدن؟||عزيز الابراهيمي

1289 2016-08-26

عزيز الابراهيمي

شكل اهالي الريف في الفترة التي سبقت عقد الستينات نسبة تصل الى 70% بينما لايتجاوز اهالي المدينة 30% من سكان العراق, ورغم هذا التفاوت الكبير الا ان الحياة المدنية بأعرافها, وتقاليدها, واحترام القانون والهيبة لرجال الامن, كان يشار لها بالبنان, فيروي لنا من عاش هذه الفترة مقدار الهيبة التي تكسوا رجل الشرطة عندما يذهب الى القرى ممتطياً حصانه, وكيف يدخل الذعر في قلوب اشد الرجال بأساً.

بعد تسلم العسكر للسلطة, وارتفاع اسعار النفط, والخلل الكبير الذي اصاب المجتمع العراقي نتيجة فقدان التخطيط, والانتقال الفج من مجتمع ينتج في قطاع الزراعة, الى مجتمع  يعيش على ما تدره اسعار النفط  الذي تملكه الحكومة, رافق هذا التحول في اقتصاد البلد ونظامه السياسي خلل في تركيبته الاجتماعية, فانعكست النسبة اعلاه لصالح سكان المدينة, في ظل هجرة كبيرة لاهالي الريف, ولكن لم يرافق كل ذلك نمو لقيم المدينة واعرافها, بل تراجعت لصالح الاعراف والتقاليد العشائرية.

لا يصح ان ننتقد الاعراف والتقاليد العشائرية, فهي ربما مثلت بديل جيد في ظل غياب لسلطة الدولة وهيبة القانون في كثير من الاوقات, اضافة كثير من القيم الجيملة التي تشتمل عليها, ولكن يجب ان ينصب النقد على تكاسل اهل المدن في اخذ زمام المبادرة, وبناء حياة مدنية بكل مظاهرها, من نقابات فاعلة, ومنظمات مجتمع مدني هادفة, واهتمام بالثقافة بكل صنوفها, وتطوير الحياة السياسية من خلال الاهتمام بالعمل الحزبي بالاقبال على الاحزاب القائمة, او انشاء احزاب جديدة, والاهتمام بالعملية الانتخابية باعتبارها الالية الدستورية في انتاج الحكومات.

لعل الشاهد على تراجع القيم المدنية, هو ما نراه في كل انتخابات اذ يلجئ المرشحون الى العشائر والارياف لكسب اكبر عدد من الاصوات, لسهولة المؤونة عليهم, فليس لهم الا ان يستنهضوا الفزعة في نفوس ابناء عمومتهم, ويلوحوا لهم ببعض الوعود على شاكلة (الهور مرق والزور خواشيك), وليس الامر فرضيا بل من خلال متابعة نتائج الانتخابات للدورات السالفة, يتبين ان نسبة المشاركة في القرى والارياف, تفوق مشاركة اهل المدينة التي تخلوا فيها الصناديق الا من بعض الوريقات.

المشاركة الفاعلة في الانتخابات من قبل ابناء المدن هي التحدي الذي يواجه الجميع, من اجل اعادة الحياة المدنية, وان تكون معايير الانتخاب حسب البرامج الانتخابية والكفاءة للشخص المنتخب, وبدون هذه الممارسة الواعية, لا تفيد ساعات التظلم والتباكي على غزو المدن وحكمها من ابناء العشائر. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك