المقالات

لماذا نرفض مسمى "الحكومة الشيعية"؟

2058 20:53:06 2016-06-15

غالباً ما ترد تسمية "الحكومة الشيعية" من قبل بعض المؤسسات ووسائل الاعلام.. فهل هذا صحيح؟ ام هناك اهداف مبيتة، او توصيف مجازي ليس الا؟

نعم يتمتع الشيعة بدور اساس في الدولة والمجتمع.. وتنتشر مظاهرهم وشعائرهم في مناطقهم خصوصاً، وفي بعض الاوساط الرسمية.. ويشكلون الغالبية الساحقة في البرلمان، بسبب اغلبيتهم السكانية.. لكن ايكفي هذا للكلام عن "الحكومة الشيعية". فاذا كان هذا صحيحاً، فلماذا لا يقال الحكومة السنية في الاردن، والوهابية في السعودية، والاباضية في عُمان، والمسيحية في لبنان، كتعابير معممة وسائدة، وليس مجازاً واستثناءاً. فالسمة المذهبية ستتحول الى صفة طائفية عندما يكون الامر مقصوداً.. والذي سيتمدد ليشكل اصطفافات سياسية خانقة، ويدخل في تعاملات طائفية مع العراق والعراقيين بدءاً من ابسط القضايا لاكثرها تعقيداً.

لا نبرر او نخفي الكثير من الاخطاء والانحرافات التي سقطنا فيها كساسة و"قوى شيعية" وغير شيعية. فلقد توفرت فرص ذهبية، لم نستثمرها لتعويض تاريخ طويل من التضحية والمعاناة والمظلومية، او لاستثمار الكثير من النجاحات والمكاسب في الموقف من الاحتلال ووجود القوات الاجنبية واقرار الدستور وتنظيم الانتخابات العامة وتحمل وطأة الارهاب وضرباته القاسية.. بل اصبنا –في احيان كثيرة- بالغرور وضيق الافق وعدم التمسك بالمباني الصحيحة، وفهم الظروف الداخلية والمحيطة.. فتفننا في صناعة الاعداء وخسارة الاصدقاء.. وتبديد الفرص.. وعدم تبني السياسات الجادة لخدمة الشعب، وتوحيد البلاد، ومد الجسور، فيما بيننا، ومع الجوار، والوقوف مع اعداء الطائفية ضد كل من يروج لها، سنياً كان، ام شيعياً، ام غيرهما.

هدفنا بمعارضة تعبير "الحكومة الشيعية" محاربة الطائفية وايقاف انتشارها.. فان يحتل الشيعة مواقع كانوا محرومين منها، وان يمارسوا شعائر كان يؤدي ممارستها الحكم بالموت، وان يعود لبلاده من هُجر واسقطت جنسيته لاسباب طائفية، وان تستعاد ممتلكات تم الاستيلاء عليها.. وان تصحح العلاقات بايران او بشيعة العالم لا يجعل من الحكومة "حكومة شيعية". خصوصاً وان نصف الحكومة تقريباً هو من غير الشيعة.. ومن ثلاثة مواقع رئاسية يحتل الشيعة موقعاً واحداً.. وان الاخرين يقومون بعباداتهم وشعائرهم كل حسب مذهبه ودينه. فلم تمس التقسيمات الادارية التي جعلت العراق 18 محافظة بكل خلفياتها الاستبدادية والطائفية.. وبقيت الكثير من قوانين وتشريعات مجلس قيادة الثورة والتعليمات والضوابط السابقة.. بل كيف تسمى الحكومة بـ"الحكومة الشيعية" وابرز من ينتقدها ويقاطعها، احتجاجاً على اخطائها، هو المرجع الاعلى للشيعة انفسهم.

نعم لا ندعي ان السنة يشعرون بالراحة والاطمئنان.. ولكن هذا امر يشترك فيه الجميع –ومنهم الشيعة- لدوافع مختلفة.. فطرف يشعر بانحسار مساحاته وبالضغوطات الشديدة عليه، واخر يشعر بالهجمات والانتحاريين الذين يستهدفونه انطلاقاً من مناطق محددة وبهويات معروفة... فلقد سقط النظام الاستبدادي الدكتاتوري الذي عانى منه الشعب عموماً والشيعة خصوصاً.. رغم ذلك رفضنا في يومها تسميته بالحكم السني –الا مجازاً- للسبب نفسه الذي نرفض اليوم تسمية الحكم الحالي بـ"الحكومة الشيعية".. فالهدف في الحالتين سيكون تسييس المذاهب، او عدم التوقف عن تسييسها، وجعل الاصطفاف الطائفي هو السياسة، وهذا خطر عانى منه العراق والمنطقة كثيراً.. فالتسمية ستحمّل التشيع والتسنن، اخطاء وانحرافات السياسة ومبانيها، وجنون الطائفية ومخاطرها في الاتجاهين.

عادل عبد المهدي
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك