المقالات

السيد السيستاني يريد دولة وليس فوضى!/ عباس الكتبي

2545 22:33:04 2016-05-20

 

عباس الكتبي

أمريكا شكّلت تحالف دولي من أصدقائها، وجاءت من مسافات بعيدة حتى تدخل العراق، وتطيح بالنظام الصدامي المستبد، وكان ذلك في عام 2003م.

مبررات الإدارة الأمريكية في الحرب على العراق:أمتلاك صدام للأسلحة النووية، تهديده للمنطقة ودول الجوار،، تحرير العراق وإصلاح نظامه السياسي من دكتاتوري إلى ديمقراطي.

المنظمات والمؤسسات الدولية، أعتبرت العراق بلداً محتلاً من قبل أمريكا وحلفائها، لأن لم تحصل أي موافقة دولية في هذه الحرب، وعليه يجب على أمريكا، حماية المواطنين، وإدارة شؤونهم، وحفظ الممتلكات والمؤسسات العامه للدولة العراقية، حسب ما تفرضه القرارات الدولية على المحتل، وعلى أثر ذلك تشكّلت الإدارة المؤقته برئاسة بريمر، إلى أن يقرر العراقيين مصيرهم.

كان هناك خيارين أمام الزعامات العراقية:امّا المقاومة المسلحة لاخراج المحتل، وامّا المقاومة السياسية وبالطرق القانونية، مع العلم ان كليهما مباحان، لكن السؤال يدور حول أيهما الأكثر واقعياً وسياسياً؟

في ظل احتلال أمريكي، وغياب أمني وسياسي، وفوضى عارمة من النهب والسرقة في ممتلكات الدولة، وفي ظل شعب أنهكته الحروب الصدامية، وأخذ مأخذه منه الحصار الأقتصادي، فأصبح الشعب العراقي لا يستسيغ القتل والقتال، لذا فخيار المقاومة السياسية، هو الأفضل والأنجع لأخراج المحتل.

الزعامات السياسية والدينية في العراق، وكانت الغالبية المطلقة، اختارت المقاومة السياسية على المسلحة، وكان رأي في غاية الرجاحة والعقل، وقد أنتصر أصحاب هذا الرأي، وتحقق لهم ما أرادوا، وخرج المحتل الأمريكي من العراق، بخلاف الذين اختاروا المقاومة المسلحة، التي تسببت في استياء الناس منهم، وأحدثت الفوضى هنا وهناك، بل ان اصحاب هذا الرأي، عادوا وانضموا إلى العمل السياسي.

كانت المرجعيات الدينية الأربعة في النجف الأشرف، بالأضافة إلى الزعيم السياسي الاسلامي الكبير، المعارض والمجاهد الشهيد"محمد باقر الحكيم"طاب ثراه، تبنوا المقاومة السياسية، بالطرق القانونية والشرعية الدولية، وبما أن امريكا ادعت انها جاءت لتحرير وخلاص العراقيين، وتريد ان يكون العراق بلداً ديمقراطياً، فلماذا لا نلزم أمريكا بما ألزمت به نفسها؟!

من هنا أصرّ المرجع الديني الأعلى للشيعة، السيد السيستاني"دامت بركات وجوده"، على إجراء الانتخابات، حتى تنبثق منها حكومة عراقية، تسحب البساط، وترد السلطة للعراقيين، من إدارة الاحتلال الأمريكي، فالديمقراطية التي تدعيها أمريكا، هي حكم الشعب، وهذا الحكم يأتي عن طريق الأنتخابات، فألزم أمريكا بما ألزمت نفسها، وما كان على أمريكا إلاّ القبول، فأصدر سماحة المرجع، الفتوى الشهيرة بوجوب الأنتخابات على كل العراقيين، فكانت فتوى سياسية بحتة، لأخراج المحتل الأمريكي بطريق قانوني، على خلاف فتوى الجهاد ضد الأنگليز! وهذه الامور يختلف فيه من فقيه لآخر كل حسب رؤيته.

كان لابد عند تشكيل أول حكومة عراقية خلال الاحتلال الامريكي، من وجود قوانين مصادق عليها من أبناء الشعب العراقي، تكون مرجعاً عاماً عند حصول الخلافات السياسية بين الفرقاء، وكذلك تكون ملغاة لقانون الإدارة الامريكية المؤقته، فكان الدستور العراقي، الذي حث على التصويت عليه سماحة المرجع الأعلى، وهو أيضاً يصب في إطار المقاومة السياسية، لتجريد المحتل من كل أدواته.

بالرغم من ان هناك بعض المعترضين على شرعية الانتخابات والدستور، إلا ان السيد السيستاني كانت رؤيته واضحة عند أهل الخبرة والدراية، فهو يريد طرد المحتل، وبناء دولة عراقية حديثة من:جيش، وشرطة، ومؤسسات، وسلطات: تشرعية، وقضائية، وتنفيذية، بأيد عراقية، وإذا كان هناك بعض الثغرات في الدستور، فهو امر يترك للعراقيين بالمستقبل، وبأمكانهم ان يصححوه، لكن اهم شيء في كان وقتها هو إيجاد دولة، وتأسيس نظام كامل لها، ومن الصعب تفهيم من لا يفهم!

بعد ذلك كان دور سماحة المرجع الديني، دور النصح، والإرشاد، والتوجيه، في تشخيص الأخطاء، وإعطاء الحلول، وترك للناس إختيار ممثليهم في مجلس النواب، ولم يتركهم سدى، بل حدد لهم آلية الأختيار:(النزاهة-الكفاءة-القدرة)، وحرّم أنتخاب الفاسد، ثم ترك للسلطة التشريعية اختيار رئيس الوزراء، ومراقبة عمل الحكومة، وترك للسلطة التنفيذية والقضائية، محاسبة ومعاقبة المفسدين، ونصح الحكومة بما يكفي، ووأصاها بالمواطنين خيراً على حداً سواء، فالسيد السيستاني يحترم القوانين، ولا يريد ان يتجاوزها، وليس هو حاكم على دولة اسلامية حتى يفرض رأيه على الجميع، بل هناك سلطات ودستور، يجب الرجوع إليها.

نعم! كان سماحة السيد يتدخل في القضايا المصيرية، التي تمس حياة العراقيين، والدولة العراقية، كالهجمة البربرية الوحشية من داعش الأرهاب على العراق، وإحتلال بعض المحافظات، التي انتهكت فيها الأعراض، وسفكت فيها الدماء، وأرادوا ان يرجعوا بالعراق إلى المربع الأول، بعد الاحتلال الأمريكي، فحمى العراقيون ودولتهم من الانهيار، بفتوى الجهاد، كما حماها من قبل وأخرج الأحتلال بفتوى الأنتخابات!

مابين الفتوى السياسية، والفتوى الجهادية، السيد السيستاني يريد دولة في العراق، وليس فوضى!

اقول:متى يستفيق الساسة في العراق من رقدتهم، ويتنازلوا عن رغباتهم ونزواتهم الشخصية من أجل العراق والعراقيين؟! ومتى يتعظوا ويأخذوا العبرة من هذا الرجل العظيم، ويقدروا تضحياته وجهوده في بناء الدولة؟! أطال الله بعمر سماحة السيد السيستاني،ودامت بركاته على العراق!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك