بعثَ ليَ اليوم نائبٌ في مجلس النوّاب رسالةً بالايميل عنوانُها (زرتُ مجلس النوّاب اليوم ورأيتُ هذا) فتحت الايميل فوجدتُ الرّسالة تحملُ عدداً من الصّور لمجموعة من الكراسي المقلوبة على وجهها وأُخرى (مخدوشة)!.
فأجبتهُ بما يلي؛
ان شاء الله سيادة النّائب يزور بيوتَ الفقراءِ، وكذلك ينقل لنا صوراً من هناك لنطمئنّ انّهُ وَفى بوعدهِ لهم عندما قال لهم في حملتهِ الانتخابيّة انّهُ سيمنح كلّ فقيرٍ قِطعة أَرض وسلفة ماليّة لبناءِ دارٍ تأويهِ وعائلتهِ واطفالهِ من حرّ الصّيف وبرد الشّتاء.
طبعاً شعرتُ من بقية تعليقهِ على الصّور وكأنّهُ يُرِيدُ ان يجهش بالبكاءِ حُزناً على عددٍ من مقاعد البرلمان حطّمها (الشّعب).
ولو كنتُ أعرفُ ان منظر (قنفةٍ) مخدوشةٍ تذّكرُهم بهَيبة الدّولة لدعوتُ النّاس الى تحطيم كلّ القنفات والكراسي من زمان!.
هو زعلانٌ على الكُرسي، وانا زعلانٌ ممّن يجلس عليه! وهو زعلانٌ على مقعد البرلمان وانا زعلانٌ على من أجلسهُ عليه.
لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي يوماً صورة طفل بريء ضائع في تقاطُعات شوارع العاصمة بغداد يحاول ان يغسل سيارات المارّة ليستدرّ عطفهم بدُريهِمات يعود بها الى أسرتهِ اليتيمة ليسدّ بها رمقها! لانّ جلّ أطفالهم يعيشون في عواصم الجوار او في عواصم الغرب!.
لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي صورة لمستشفى خرِبة يُعالُج فيها الفقراء، لانّهُ يعالجُ (نشلتهُ) في عواصم الدّول المتطوّرة!.
لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي يوماً صوراً لصفٍ مزدحمٍ بالتّلاميذ في مدرسةٍ يجلس فيه الطلاب على رحلاتٍ محطّمة او على الأَرْضِ، لانّ أولادهم يدرسون في أرقى المدارس والجامعات في بلادِ الغرب!.
لم أَتذكّر أَبداً انّ مسؤولاً في الدّولة العراقية بعث لي صورة الذين يعيشون في العشوائيات مثلاً او صور لنساءٍ واطفالٍ يبحثون عن لقمةِ عيشهم في مكبّات الزّبالة، او صور عوائل تقضي الّليل والنهار مستخدمةً المهفّة الشعبيّة في بيوت الصّفيح او الطينيّة بسببِ انقطاع التيّار المهربائي، لانّهم يعيشون في المَنْطَقَةِ الخضراء ويجلسون على أرقى موائد الطّعام والكهرباء مؤمّنة عندهم (٢٤) ساعة!.
كلّ تلك الصّوَر لم تحرّك في شواربهم شعرة، الا انّ كل شواربهم اهتزّت لمنظر كرسي مقلوباً! او قنفةٍ مخدوشة!.
يا بِئسَكُم!.
صحيح قيل انكّ [اذا لَمْ تستح فافعَل او قُل ما شِئتَ] ولكنّني بصراحةٍ لم أتوقّع الى هذه الدّرجة، خاصةً من (زعماءٍ) يقولون أَنّهم ينتمون الى عليّ بن أبي طالبٍ (ع) الذي يقول {وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ، إِلَى مُصَفَّى هذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ، وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الاَْطْعِمَةِ ـ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ بِالْـيَمَامَةِ مَنْ لاَطَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ ـ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَة وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ.
أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِها، وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ
أُتْرَكَ سُدىً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ}.
يا جماعة الخير؛
إِنزعوا عمائمكُم واخلَعوا رداءَ التّقوى وضعُوا تيجانَ المفاخرةِ بالّدين والمذهب وضعوا الهويّة جانباً وافعلوا ما شِئتم، فلقد بِتنا نتوقّع منكم كلّ دِقاقٍ كما وصفكُم أَمير المؤمنين (ع) بقولهِ {أَخْلاَقُكُمْ دِقَاقٌ، وَعَهْدُكُمْ شِقَاقٌ، وَدِيْنُكُمْ نِفَاقٌ}.
ستُصلحونَ (القنفة) المكسورة من بيتِ المالِ، ولكن؛ من سيُصلح قلوب الأيتام والأرامل المكسورة؟.
ايّها الزّعماء، أَصلِحوا قلوب المستضعفين المكسورة فسيُصلحُ الله تعالى كراسيكم المحطّمة بفسادِكم وفشلِكم ودجلِكم ونفاقِكم، وستستعدِل مقاعدكُم المقلوبة على وجهِها بفعلِكم المشين، فلقد قال الله تعالى في الحديث القدسيّ عندما سألهُ أَحدَ أنبيائهِ؛ أَين أجدكَ يا ربّ؟ قال تعالى {أَنا عِنْدَ المنكسرةِ قلوبهُم} ولذلك كان رَسُولُ الله (ص) كلّما همَّ بغزوةٍ او حربٍ جمع الفقراء والمساكين والنّساء والأطفال والعجائز تحتّ السّماء وطلبَ منهم ان يدعوا لهُ الله تعالى بالنّصر.
https://telegram.me/buratha