المقالات

الوطن جريح ...متى يسترد عافيته

1692 20:54:23 2016-05-08

العراق الحالي هو امتداد للحضارة السومرية ،أولى الحضارات الإنسانية على الارض وتلتها حضارات أخرى متتالية ، وسميت باسم بلاد الرافدين لانها تحوي نهرين عظيمين هما دجلة والفرات وتمتاز أرضها بخصوبة لامثيل لها ( ارض السواد ) وغناها بالموارد الطبيعية التي يفتقر لها الكثير من بلدان الدنيا ولتربعها في قلب العالم، مما جعل ان تهفو اليها نفوس الطامعين والغزاة ، وبقدر ما عان أهلها من تلك الغزوات ترسخت فيها جذور حضارات العالم، ويغفوا في ترابها المئات من الانبياء والرسل لهذا فأن ارضها مقدسة حاضنة للاديان ومازال شعبها كريم النفس شامخاً باقيا محتفظاً بقيمه ، محافظاً على حضارته وعراقته رغم المحن التي مرت عليه ، واقساها الفترة الزمنية التي قادها صدام حسين وحزب البعث قرابة خمسة و ثلاثين عاما، وبدد خيراته وثرواته رغم كونه كان من أغنى دول الشرق الأوسط ، جعل منه أفقرها اثر زجه بحروب عبثية لا يأتي بها العاقلون ، و هو اليوم جريح يصيح من الألم ، يستجير بالقاصي والداني لإسعافه وتضميد جراحه، وجراح العراقيين مازالت تنزف دما يوميا. 

فبات العراق يحتاج الى سنوات ليستعيد عافيته و توازنه ويكون كما هو اهل له كدولة عزيزة مستقلة ثرية بشعبها وخيراتها وتلتحق بالعالم .الأزمات المزمنة تتكاثر في العراق وهي حتمية نتيجة الاخطاء السياسية التي ادت الى تمزيق وتزلزل وحدته ، بفعل بعض العقول السياسية المسيطرة التي تفتقر إلى النزاهة والقدرة ، وتعتاش على جراحه وعندما تكون العقول هكذا، تبدأ الأزمات تنمو في الظلام ، تكبر خلف الكواليس، تتضخم بعيدا عن الفضاء الظاهر، بعدها تخرج ، لتظهر على شكل عواصف مدمرة، و مرعبة، وهذا ما حصل، فمن كيل التهم والتهميش إلى سرقة المال العام، ومن العجز في تقديم الخدمات إلى تفشي الرشوة التي انقلبت إلى سلوك عام متداول ، إلى سقوط المدن بيد داعش والمجاميع التكفيرية، وما رافقها من ضياع الأرواح والأموال، وحالات تهجير وتشريد، إلى الاستجداء من دول العالم وهبات يسرقها كبار الموظفين والمسؤولين، إلى هزيمة المنظومة الأخلاقية، وغياب الشعور بالوطنية، إلى سلطة العشائر وغياب القانون، إلى المحسوبية والمنسوبية في التعامل وفق معايير القبيلة، إلى تصدع وانهيار الاقتصاد العراقي، إلى الانحطاط في نمط التفكير العام، ودفعه إلى صياغة المناهج الظلامية المتخلفة، وتحولت الى فجيعة و هجرة العراقيين وهم يحتشدون على أبواب سفارات الدول للخروج من بلدهم، إلى غيرها من الانتكاسات التي طالت الحياة . 

في الوقت الحالي العراق يمر بظروف صعبة ومعقدة جداً ربما ستؤدي إلى كارثة كبيرة ( لاسامح الله ) تصيب الشعب العراقي في حالة عدم الإسراع إلى حلها عبر اتخاذ خطوات ناجعة سليمة بعيدا عن المناكفات . لابد من ايجاد خطوات اذا ما تم إتباعها وتنفيذها بدقة فإنها ستُسهم في حلحلة الأزمة وتحقيق الإنسجام بين أبنائه للخروج من المشهد الشائك الذي يمر به . والعمل على تجاوز الأزمة السياسية الحالية من الامور المهمة خصوصا وان هناك حرب ضدّ التنظيمات الارهابية وعصابات الشر في عدة مناطق من البلاد فرغم التقدم الذي حققه الجيش العراقي على حساب هذا التنظيم الإرهابي الذي لاتزال خطورته قائمة ومهدّدة لامن واستقرار البلد . 

على نواب الشعب ان يأخذوا بحساباتهم اثمان الحرب ضد "داعش" والضغوطات الاقتصادية المرهقة والتداخلات السياسية، الداخلية والخارجية وحسابات الابعاد الاجتماعية التي لا تسمح سوى بإيجاد حلول عاجلة لهذه الازمة والتفكير جدياً وملياً للخروج منها بأسرع وقت. فمدى واحتمالات التصعيد لابد ان يتوقف، ولابد للذهاب لخيارات وقرارات الحل ولا يمكن ان تأتي الا من القوى السياسية المتواجدة في البرلمان وخارجه من جهة والحكومة بمشاركة الشارع الذي يمثل الحلقة الاقوى والقادر على مسك البلاد من جهة اخرى . وبالتسوية المؤقتة لا يعني حل مجمل المشكلة لانها تمس نمط النظام السياسي برمته بمعنى ان الديموقراطية العراقية مازالت هشّة أمام لوبيات ومافيات الفساد التي دمرت البلد إلى الحد الذي يؤكد ان استشراء الفساد سيولد ثورة مستمرة تحاسب الحكومة والنواب وحتى قادة الكتل السياسية عليه . 

الامل في أن يتجاوز العراق هذه المرحلة الحرجة من تاريخه وأن يسترد عافيته واستقراره وأمنه حتى يتحقق لكل مواطن أمله في مستقبل أفضل لان هذا هو رجاء وأمنية الجميع .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك