المقالات

التصعيد والتهدئة والمراجعة.. هل ستنتج مشروعاً؟

2342 18:47:38 2016-05-07

مررنا بتجربة خطيرة كادت وما زالت تهدد البلاد بعاصفة مدمرة.. فالازمة خطيرة، على مستوى القوى والطروحات والنتائج. اذ برهنت قوى الضغط للراي العام والشارع ان لها دوراً تلعبه وحدوداً تقف عندها. وكشف المعتصمون عن وجود قوة لا يستهان بها.. ولولا ان للمواقف مبرراتها، لما اجتمعت قوى متناقضة كـ"الوطنية" و"جزء مهم من القانون" واعداد من كل كتلة.. ولما شاركهم "التيار" في البداية ثم تركهم، وان كان برؤى مستقلة.. بالمقابل كشف القائلون بشرعية الرئاسات، والتصويت على بعض الوزارات، انهم قادرون في الدفاع عن التمثيل الذي اعطى شرعية لمواقعهم.

لم يحقق اي طرف كل ما يريد، لكنه اقترب من بعض ما يريد.. ومن يعتقد انه يستطيع الحصول على كل ما يريد سيرتكب خطأً كبيراً بحق نفسه اولاً، قبل ارتكابه بحق البلاد والاخرين ايضاً. فالخلافات انتقلت من خلافات سياسية الى ميدانية وتعطيل المؤسسات والمصالح، واعتداء بالايدي والعصي واستقدام السلاح.. والتي تهدد، ما لم تعالج بسرعة، بتداعيات خطيرة، إن تحكم منطق العناد والرأي الواحد من جهة، والتهاون وعدم تحمل المسؤوليات من جهة اخرى. فاقتحام مجلس النواب، او تعطيل اعماله، والاعتداء على النواب وتهديدهم هو خطيئة سياسية كبرى لا يبررها اي منطق، والتي من شأنها تحويل اي تعاطف وتاييد الى غضب واستنكار.. وهو منهج "انقلابي" يبعدنا عن المناهج الديمقراطية، التي عندما تأخذ هذه المسارات، ستدمر كل شيء.

لا يكفي للنجاح وحدة الايديولوجيات، بل الاساس وحدة المناهج والتطبيقات. آن الاوان ان نتجاوز مشاريع الوحدة الشكلية التي لا تجيد سوى الصراع مع غيرها او فيما بينها، بينما تقف عاجزة في بناء مشاريع منتجة فاعلة لجماعاتها وللوطن. ونعتقد ان من مصلحة الجميع –رئاسات وقوى وتحالفات ومكونات- ان يراجع نفسه، وبهذا يراجع مواقفه من الاخرين. فالدولة ليست ملك شخصٍ او حزب او طائفة او قومية، انها ملك كل العراقيين. وأمر طبيعي ان نعتقد بصوابية ارائنا وسياساتنا، لكن منطق الوطن والدولة وصوابية القرارات النهائية، لا يمكن ان يبقى متأرجحاً بين الاجتهادات الخاصة.. فهذا يقود للتصادم او فرض الرأي، ولاخطاء كثيرة ونجاحات قليلة ومواقف لامسؤولة. لذلك برهنت تجارب الامم ومنطق العقلاء ان قرار الدولة هو شأن تقرره المؤسسات الدستورية واجراءاتها المقرة والمتفق عليها، وهذا يقود بالمحصلة لنجاحات كثيرة واخطاء قليلة ومواقف مسؤولة. وان التحجج بعقم الاجراءات يتطلب علاجها، مؤسساتياً ودستورياً، لا الخروج عليها، ودفع البلاد للهاوية.

المهمة الاهم اليوم هي امن المواطنين والمؤسسات والمصالح وعودة هيبة الدولة والنظام.. انها مقاتلة "داعش" وبقايا النظام السابق الذين يستغلون اخفاقات الحكومات في تشريعاتها وخدماتها، كما يستغلون خلافاتنا ووسائل التعبير الحرة لبث الكراهية والفتنة بيننا. وهناك وعي متزايد ان مرحلة كاملة انتهت. ولا يستطيع فريق ادعاء الايجابيات وتحميل الاخرين السلبيات. فالمحاصصة والفساد والطائفية والاثنية هي افرازات وضع كامل، عندما تتجاوز حدودها تتحول لنقيضها. فلقد افرزت الشراكة المحاصصة.. والاموال السهلة للنفط، الفساد.. والحماية المشروعة او المغالية للذات، الطائفية والاثنية.

الازمات وفترات الاحباط اوقات جيدة للمراجعة وعودة الانطلاق.. والوطنية الحقة تعني تسهيل الامور على الغير ايضاً، لا تعقيدها والسعي للتسقيط والالغاء.

فهذه هي قوى الساحة.. ونحن مضطرون –رغم الخلافات- على العيش والتعايش والعمل المشترك معها، بعيداً عن الاخضاع والاقصاء والتهميش، وبدون ابتزاز وتهديد وفرض. ولا بدائل امامنا. ويمكن ان نعي ذلك الان، او نكتشفه بعد جولات جديدة من الدمار والخسائر. ولنثق ان الجميع سيخرج رابحاً عندما نتعلم كيف نعمل، ليس للمكاسب الجزئية فقط بل للمكاسب الكلية اساساً.. وليس مع من نتفق معه فقط، بل اساساً مع من يختلف معنا.. ففرص المشتركات معهم، ليست اقل من اضرار الاختلاف فيما بيننا. ومن وسط الصعوبات والاحباطات نشق طريق النجاحات.. ومن وسط الحطام نبني وطننا.. ومن وسط الخلافات نحقق وحدة كلمتنا وعملنا المنتجة والفاعلة، وليست وحدة احقاد وكراهية، لا تبني نفوساً صالحة واوطاناً عامرة. 

عادل عبد المهدي
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك