قبل مايقارب الأربعة أعوام وقف النائب عثمان الجحيشي وقفة شجاعة في البرلمان وقال بالحرف الواحد:
(النائب في البرلمان العراقي يمثل مئة ألف مواطن عراقي لابل يمثل الشعب العراقي برمته . ولم ينتخب لكي يرفع يده ويخفضها متى يُؤمر بذلك. ولكي أكون بارا بقسمي أمام الشعب أعلن إنسحابي من كتلة العراقية ومنذ هذا اليوم أنا نائب مستقل أعمل بوحي من ضميري لصالح شعبي)
وتركت تلك الكلمات التي تفوه بها النائب المذكور أثرا طيبا في نفوس شرائح واسعة من الشعب العراقي على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم، واعتبروها بارقة أمل لبداية عهد جديد يتنفس فيه العراقيون الصعداء لو حظيت تلك الدعوة باهتمام أعضاء المجلس ، وانضمت على أثرها أصوات أخرى إلى صوت النائب المذكور لكي يعلنوا رفضهم المطلق للمحاصصة الطائفية والحزبية والعشائرية التي انتهجها رؤساء الكتل النيابية وأوصلت العراق إلى شفير الهاوية في ظل وجود حكومة أضداد ضعيفة يتربص أعضاؤها لبعضهم ويتنافسون تنافسا محموما لنهب المال العام من خلال المشاريع الوهمية التي وصلت إلى الآلاف في غياب القانون والرقابة الأمينة على مصالح الشعب من قبل الهيئات الكثيرة التي تدعي إنها تكافح الفساد وتظهر على شاشات الفضائيات لإظهار إنجازاتها الوهمية، وحالها صار كالمثل العراقي ( إسمك بالحصاد ومنجلك مكسور ).
لقد فتحت الحكومات العراقية المحاصصاتية الضعيفة الفاسدة أبواب العراق على مصاريعها للتدخلات الخارجية في شؤون العراق، وبات هذا الوطن ساحة كرة قدم مفضلة للإعلام المعادي ليسجل فيها نقاطه وفق مايرغب ويشتهي لإضعافه أكثر فأكثر. وفشلت في مكافحة الفساد والإرهاب، ولم تقدم أية خدمة للمواطن المقهور الذي يخرج من بيته صباحا ليحصل على لقمة العيش له ولعائلته ولم يطمئن على عودته سالما إلى بيته في المساء. مما جعل المواطن العراقي يلعنها ويلعن الساعة التي ولدت فيها ويتمنى تبديلها بأعضاء مستقلين ومن ذوي الضمائر الحية والكفاءة بفارغ الصبر لكي ينهض الوطن من كبوته ، ويتعافى من جراحه المتراكمة.
وقد كتبتُ مقالا على أثر تلك الدعوة وجهت فيه التحية لذلك النائب الشجاع واعتبرت دعوته صحوة ضمير وثورة على رؤساء الكتل البرلمانية الغارقين في شؤونهم الخاصة إلى حد الثمالة بعد أن وصلوا إلى قبة البرلمان بطرق ملتوية، وحولوا إجتماعاتهم تحتها إلى سباق محموم للحصول على الإمتيازات والمكاسب الشخصية فقط. وطالبتُ النواب أن يحكموا ضمائرهم، وينتبهوا إلى مصلحة شعبهم الذي لاقى مالاقى من المآسي والمحن، وأن يقفوا وقفة الرجال الشجعان مع النائب المذكور،ويضموا أصواتهم إلى صوته، ويتخلوا عن رؤسائهم لإنقاذ البلد من محنته وما وصل إليه من ضعف وانحلال وقلت بالحرف الواحد في مقطع من ذلك المقال:
(أنا كمواطن عراقي بسيط أتفاعل مع هذا الموقف الوطني الذي قام به النائب الجحيشي في إنتفاضته ضد الدجل والزيف والصراع من أجل المكاسب الشخصية البعيدة كل البعد عن هموم ومعاناة الشعب العراقي الذي يتعرض لأبشع هجمة إرهابية بربرية ،ويعاني من انعدام الخدمات منذ سقوط صنم الإستبداد وأتمنى أن تكون هذه المبادرة بداية لعملية إنسحاب مجموعة طيبة من النواب تكون لها القدرة على التغيير لتكوين جبهة نيابية مستقلة لها ثقلها وتأثيرها في مجلس النواب لكي تسحب البساط من ذوي النوازع الشخصية والأنانية الذين أذاقوا الشعب العراقي غصصا لاتعد ولا تحصى نتيجة لصراعاتهم التي فاقت كل تصور. واليد الواحدة لاتصفق ، ودعوة النائب المذكور هي صرخة حق ضد الباطل من أجل التغيير والإصلاح بعيدا عن الإصطفافات الحزبية والعشائرية والقومية والمذهبية ولابد أن تتبعها صرخات لكي تنتج ويتم فيها الانتصار على الذات من أجل المصلحة العامة.
وقلت مخاطبا النواب كونوا أوفياء لشعبكم الذي سلمكم الأمانة وستبقون بعون الله ووقفة الشعب معكم (كتلة الإنقاذ المستقلة) التي تأخذ على عاتقها عملية التغيير المطلوبة لتكون النبض الحقيقي للعراق بسعيها الدؤوب لتخليصه من كابوس رؤساء الكتل الذين تحولوا إلى أباطرة وإقطاعيين كبار لاهم لهم سوى امتصاص دماء الفقراء ، والعيش عليها لإتخام بطونهم التي لاتشيع أبدا من خلال سرقة أموال الشعب التي طفحت رائحتها ، وانتشرت إلى أقصى بقاع الأرض وباتت تزكم الأنوف. والواجب الوطني والأخلاقي يحتم عليكم ضم أصواتكم إلى صوت النائب عثمان ووضع حد لهذه المهزلة وسيسجل التأريخ مواقفكم الوطنية الشجاعة بمداد من نور بعد أن طفح الكيل. وذاق الشعب أشد الويلات من هذه المحاصصات البغيضة)
لكن وبكل أسف جرت الرياح بما لاتشتهي السفن، وقبرت المبادرة في مهدها من قبل عشاق المحاصصة وأربابها، وتلاشى صوت النائب المذكور،
https://telegram.me/buratha