وليد كريم الناصري
فكر أمة ورجولة شعب، وأبواب من العلم والجهاد، جعلتني أقف ساعات، أمام أدواتي، التي أعددتها للكتابة عن هذه الشخصية، ألأمر لا يخلو من صعوبة في إختيار كلماتي، من أين أبدأ؟ وكيف أسترسل كلامي؟ ومتى أختتم؟ رجلٌ يحتاج إلى مؤلفات وبحوث، تسلط الضوء بعض الشيء على سيرته وحياته، فكيف لتلك الأحرف تختزل عظمة الرجل، نجل زعيم الطائفة، ومرجع الشيعة، سلالة هذه المرجعية, حتماً ستؤهلهُ ليكون غصنا مثمر، من تلك الشجرة الطيبة، التي أصلها في العراق وفرعها في السماء.
لم تسعفني ذاكرتي، في إختيار عنوان، يدعو للإستغراب كي أجذب القارئ، أكتب وأبحث في أطراف مخيلتي كثيراً، حتى وصلت إلى فكرة، إني أمام شخصية، لا يبحث عن التنمق في المصطلحات، لجذب إنتباه الأخرين، بقدر ما نبحث عن العظمة في العنوان، حيث أجد نفسي في مدرسة العظماء، ولم أجد أعظم عنوان يعتلي سطور مقالي، سوى اسم هذه الشخصية العظيمة (( محمد باقر الحكيم ))
نجل السيد محسن الحكيم (محمد باقر)، خامس أولاد المرجع الأعلى بالترتيب، المولود في مدينة النجف الأشرف، لعام 1358هــ لليوم الخامس والعشرين من شهر جمادي الأول، من إسرة عربية مفاد تاريخها العلم والتقوى والجهاد، والحديث يطول عن مقام هذه العظمة، وسأختصر مقالي، على بعض محطات حياته المؤثرة، في حياة من أدركه، ولا يسعفني عمري في معرفة كل شيء عنه، ولكن هذا الرجل عاش وخلد في قاموس العظماء والمفكرين، ولعل التأريخ الحق لا يغفل عن نقل الكثير عنه.
تفكير خاطئ، يضرب عقول بعض المقربين من السيد الحكيم، أثناء تواجدهم في إيران، أيام جهادهم ضد دكتاتورية البعث الصدامي، يخلق هذا التفكير، خلاف بين المقربين والشهيد الخالد، مما دعى تلك الأشخاص، الذهاب الى الإمام الخميني قدس سره، وبوجود الشهيد الخالد، تكلم أحد الأشخاص المخالفين لرأي السيد الحكيم، وكان كلامه بعصبية وأنفعال، جعل الجو يخلوا من كل صوت إلا صوت المتكلم، وبعد إن اتم كلامه قال (الإمام الخميني): وقت الصلاة يدركنا، قوموا لنصلي بإمامة الشهيد الحكيم.
رسالة مفادها، مهما إختلفتم في أمركم، لا تجدون أعدل من هذا الشخص بينكم، فهو ملاذكم عند الشدائد، مما جعل من الشخص المتكلم خجلاً من كلامه، كان الشهيد الخالد نموذجاً، قل نظيره في السياسة، دخل العراق بعد إن سقط البعث الصدامي، خطبه في ضريح أمير المؤمنين عليه السلام، كانت صوت الحق والحقيقة وكثيراً ما يمزج كلامه بدموعه، حتى أعده بعضهم من بكائين عصره، لصدق كلامه في ودموعه، تشبيها بجده السجاد عليه السلام.
وجوده أشعر كثير من المتصدين للسياسة بالخطر، وخاصة أمريكا والدول المجاورة والإقليمية من الخارج، وأحزاب وتيارات سياسية عراقية من الداخل، مما زرع في قلوبهم الخوف والرعب، على تواجدهم وتمثيلهم السياسي، وكان هذا الدافع الأكبر في تَحَيًن الفرص، للتخلص منه وإزاحته، عن فكرة توحيد الشعب والنهوض به، حتى أغتيل رضوان الله عليه، في ضروف غامضة بأول سيارة مفخخة تدخل للعراق، بالقرب من ضريح جده علي ابن ابي طالب عليه السلام، بعد تأديته صلاته هناك قدس سره.
الثلاثين من أب لعام 2003 يوم الجمعة، كان موعدً لإستجابة دعائه قدس سره، كثيراً ما كان يدعوا ( اللَهم إختر لي شهادة، تُتبدد بها أوصالي، كما تَبددت أوصال جدي الحسين عليه السلام)، وبعد خروجه من الصحن الحيدري تبددت أوصاله في السماء ظناً منهم بأنهم اطفئو ذلك النور المحمدي ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) وهكذا رحلت تلك الروح العظيمة، راضية مرضية، الى بارئها وخالقها، تاركة وراءها النور الذي أراد الله ان يتمه في عباده، وهو إسرة ال الحكيم.
https://telegram.me/buratha