عزيز الإبراهيمي
القيادة ظاهرة اجتماعية, تمثل تطلع امة نحو الخلاص من واقع مزري, وتحقيق اهدافها في الوصل الى غد جديد تملئه العدالة, ويسوده الامن, فهي منتج طبيعي لمجتمع رافض لممارسات الاستبداد, والقهر, والتراجع, والتجهيل.
والقيادة من الامور التي لايمكن ان تمنح دون استحقاق, او التي يمكن المحاباة فيها خصوصا في الاوقات التي يطوق فيها المجتمع بقبضة حديدة, تشل حركتة, وتسدل دون وعيه الستار, بل لابد لشخص القائد ان يكون متوفرا على جملة من الصفات الشخصية, والاستعداد العالي للتضحية, حتى يكون قبلة للطامحين في مستقبل مشرق, وقائدا لمسيرتهم.
العلم, والشجاعة, والوعي بالاحداث, ثم الاهداف الواضحة والايمان بقدرته على تحقيقها, وتليها الحماسة التي تشكل وقودا تحمل نفس القائد في سبيل تحقيق اهدافة, كل ذلك يمثل الجذوة التي تتهافت اليها نفوس الاتباع من اجل تحقيق اهدافهم المشتركة, وطموحاتهم المشروعة, هذه على الاجمال اهم الصفات الشخصية التي يتصف بها كل قائد لمع نجمه على طول التاريخ, ليبقى بعد ذلك الاستعداد للتضحية, هو المقياس لمدى ايمانه بقضيتة وحرصه على امضائها, فاذا استجمع القائد هذه الصفات الجليلة, واكملها بالتضحيات الجسيمة, كان حقاً على شعبه ان يخلد ذكراه ليس من باب عرفان الجميل وحسب, ولكن لاجل انتاج مزيدا من القادة, وتجديد العهد بعظم القيم التي كان يحملها.
السيد الشهيد محمد باقر الحكيم قدس سره من بين اشهر القادة في تاريخ العراق الحديث, فقد كان قائدا بكل ما في الكلمة من معنى, حمل هموم الامة في مقاومة نظام طاغوتي لم يشهد التاريخ اكثر قساوة منه, واشد بطشاً, وقاد المواجهة لهذا النظام الغاشم بعد ان نال حظوة كبيرة من العلم, فاصبح من العلماء المجتهدين, ولكن شجاعته الكبيرة, ووعيه الجليل, اولدا فيه الحماسة في حمل هموم الامة, وهو يرى النظام الطاغوتي قد اعمل الات بطشه في نفوس هذا الشعب, وغرس اظافر التجهيل في جسد المجتمع, فواكب ابيه المرجع السيد محسن الحكيم (قد) في حركته الاصلاحي,ة ونشره للوعي الذي كان المجتع في امس الحاجة اليه, ثم رافق السيد الشهيد الصدر في تصديه للنظام, وقد تحمل في سبيل ذلك الالام والسجون, والتعذيب المستمر, وكانت له المواقف في احداث السبعينات, لازالت تسطر بماء الذهب, وبعد استشهاد السيد الصدر قاد حركة المواجهة, وارهق تلك السلطة الغاشمة واستقطب اليه اباة الضيم من اجل ان يخلصوا هذا البلد من ذلك الكابوس الجاثم على صدره.
لم يترك النظام وسيلة الا واتبعها من اجل اخضاع هذا الجبل الاشم, ولكن خابت كل تلك المحاولات بالفشل الذريع, فباقر الحكيم كان يعرف ان ثمن القيادة تضحيات جليلة تنتظره وكان مستعداً لبذلها, خصوصا وهو يواجه نظاما ليست النذالة اخر الاخلاق التي يحملها.
قد يستعد الانسان ان يضحي بنفسه من اجل قضية يؤمن بها, ولكنه قد يلين وتضعف قواه عندما يرى ان عدوه يستهدف جميع المقربين اليه, فقد يرى في تخليه انقاذا لنفوس بريئة ويجد مخرجا شرعيا لموقفه, ولكنه عندما تكون القضية عظيمة والاهداف الهية والنفوس كبار فان المسيرة تسحق ان تروى بالنفوس الزكية, وهذا كان موقفا اطلقه السيد الحكيم عندما ساومة النظام الطاغوتي, بخمسين رجل بين عالم كبير, ومؤمن تقي من اسرته, وكان الخيار بيد السيد اما التخلي عن موقفه المقاوم والتفرغ للتدريس, او تراق تلك الدماء الزكية لا لشيء الا لكونها من عائلة السيد الحكيم, وهذا من اصعب الخيارات في حياة القائد, واختبارا عظيما لمدى استحقاقه للقيادة, فكان الجواب مزلزلا لاركان النظام لانه سمع فيها صدى موقف من معركة جرت على ارض العراق, ازعجت كل الطواغيت الذين حكموا بالظلم هذه البلاد ( الا ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة).
الرضوان لروح السيد الطاهرة, والخلود لمواقفة الجبارة, وقيمه النبيلة التي كان يحملها والاستمرار لنهجه المستقيم.
https://telegram.me/buratha