المقالات

في ذكرى الشهيدين الصدر والحكيم.. الحزبوية تقتل النبوغ

1942 00:52:23 2016-04-06

تمر في هذه الايام ذكرى استشهاد الشهيدين الصدر الاول وشهيد المحراب قدس سرهما. وفي هذه الذكرى الاليمة يمكن للمرء ان يقف طويلاً عند اعمالهما الجهادية ومواقفهما الشجاعة وادوارهما المؤثرة التي لعبت دوراً اساسياً في رسم توجهات فكرية وسياسية جديدة ليس للعراق فقط، بل لمجمل التوجهات الاسلامية والوطنية على صعيد اقليمي وعالمي ايضاً.

لاشك ان للشهيد الصدر دوراً ريادياً في المرتكزات الفكرية والمفاهيمية والبناءات الاساسية لنوع جديد من الحراك الاسلامي (الشيعي) ذات الطابع المنظم، بل الحزبي.. والذي انطلق قبل اكثر من نصف قرن في ظل المرجعية العليا للامام اية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس سره. حراك اسس الجزء الاعظم من احداث ووقائع وشخصيات وقوى وتغييرات جرت خلال الخمسين سنة الماضية الى يومنا هذا. ولاشك ان في مقدمة من رفع "لواء الصدر" وابقى الجذوة متقدة، ولعب دوراً حاسماً في تطبيق النظريات هو شهيد المحراب قدس سره. كما لعب "حزب الدعوة" دوراً جهادياً كبيراً وقدمم تضحيات غالية وعزيزة، اضافة لترويج افكار الشهيد ونشر اعماله.. كما لعب علماء كبار ادواراً متميزة في تطوير نظريات الصدر سواء على المستوى الفقهي والفكري والسياسي والتنظيمي.

كل هذا واضح ولا يخفى على احد.. لكن ما هو واضح ايضاً ان الحركة الفكرية والتجديد والعبقرية والشجاعة الادبية في تحريك المياه الراكدة والاجابة بدقة على اجوبة العصر، قد تباطئت، في الفترات الاخيرة، الى ان تراجعت وتوقفت، او كادت ان تتوقف. نعم برز زعماء ومجاهدون تنحني امامهم اعلى القامات.. لكن لم يبرز مفكرون ستؤدي اعمالهم الى احداث ذات الاثر الذي احدثته اعمال الشهيدين الخالدين خلال العقد او العقود القادمة.. على العكس نشهد تآكلاً حتى في المفاهيم، وترديداً معلباً للمقولات، بلا ابداع او تجديد او اضافة او سد المساحات الفارغة.. ان لم نقل ان بعض التطبيقات سارت بطريق مضاد، ونمت الحزبوية لدى معظمنا لنصبح اسرى لها، بحيث يستطيع الانسان ان يصرخ قتلتنا الحزبوية.

ما حصل يخالف مسارات السنن، فعندما تنطلق حركة لها ابعاد تاريخية فانها تستمر بانتاج الرجال والمفكرين، ما لم يأتِ عائق غير طبيعي يوقف السياقات الطبيعية.. فالخطوات الاولى هي الخطوات الاصعب، وهي التي تفتح الابواب ليصبح الواحد اثنين.. والاثنان اربعة.. والاربعة ثمان، وهكذا.. فها هو التاريخ الاسلامي العظيم بانتاجاته الفكرية.. لم يتوقف عند الاوائل بل استمر بانتاج اعداد هائلة من المفكرين والعلماء، التي ما تزال اعمالهم نبراساً وكنزاً من المعرفة والعلوم بشتى انواعها.. سلسلة يتصل اولها باخرها، او اخرها باولها. والامر نفسه في اوروبا وغيرها من حضارات.. خط ممتد يتوسع ولا يضيق، خلافاً لما حصل ويحصل عندنا.

لابد ان لذلك سبباً.. ولاشك ان الاستبداد والقمع لا يقتل الابدان فقط، بل يقتل العقول ايضاً.. فهل هذا سبب مقنع.. اقول كلا.. فالافكار العظيمة تنطلق –مع توفر الشروط الاخرى- في فترات القمع ايضاً.. ولعل ابرز برهان هو الشهيد الصدر نفسه.. لذلك لا ارى من سبب مقنع غير امرين اساسيين: الاول وهو الحزبوية التي طغت لدينا واغلقت ابواب الاجتهاد والفكر والعطاء والتجديد.. فكل شيء يجب ان يكون مقولباً ومزكياً للحالة السائدة.. وحالما يبدأ انسان بتفكير يخالف الحزبوية، سواء من تشكيلات تسمي نفسها حزباً او تياراً او حركة، حالما يتهم بالانحراف ويسقط ويحارب.. فتنّشف المنابع قبل ان تتفجر. والثاني هو الاصرار على التجهيل العام الذي تمارسه كافة مراكزنا التربوية والتعليمية، وقوانا السياسية الغارقة تماماً في حاضرها دون استذكار ماضيها اوالتفكير بمستقبلها. فصارت حتى مفرداتنا اليومية بائسة فقيرة، تريد ان تجاري ذلك القسم من الجمهور الجاهل معتقدة انها تستطيع جلبه اليها، دون ان تعلم بانه يجذبها اليه. لذلك نحن بلد معطل، فيه زعامات وشخصيات كبيرة مضحية سيذكرها التاريخ ولاشك، لكننا بلد لا ينتج مفكرين ومصلحين حقيقيين كما كنا نفعل.. ولا ننتج من ستتذكره الاجيال القادمة كمصلحين وقادة، كما نتذكر اليوم عظماء كالشهيدين الصدر والحكيم، ضحوا بحاضرهم لتغيير مستقبل شعبهم.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك