عبدالله الجيزاني
عندما دخلت القوات البريطانية الغازية إلى العراق، عام 1920، كان أول المتصدين لها المرجعية الدينية.
جندت الجيوش وخاضت معارك عنيفة مع القوات الغازية، ابتداء من الشعيبة في البصرة، رغم أن الحاكم العثماني، سخر كل إمكاناته طيلة فترة حكمه ضد المذهب الشيعي، لكنها ثوابت تؤمن بها المرجعية، ويرتكز عليها مذهب أهل البيت، لا تتغير مهما كان اسم وشخص وانتماء الحاكم.
ذاك الموقف كان بداية لتشخيص الشيطان وجنده، لعدوهم الحقيقي، الذي بوجوده لا يمكن تحقيق مخططات الغرب الخبيثة ضد الإسلام والمسلمين، من هناك انطلقت المؤامرات ضد المرجعية وخلص رجالها.
بعد تولي الإمام الحكيم شؤون المرجعية، ذلك الشاب الذي قاتل المحتل الانكليزي عام 1920، جند المستعمر البريطاني أدواته كلها، للنيل من مرجعية الإمام الحكيم، والدس ضدها، حتى كانت تهمة التجسس القبيحة التي أطلقت ضد نجله الشهيد محمد مهدي الحكيم، كذلك عمل على اختراق أول إطار سياسي شيعي، لتجنيده لضرب المرجعية، وهكذا كان، حيث وقف هذا التنظيم بوجه أي مشروع ناضج تحت قيادة المرجعية.
بعد رحيل الإمام الحكيم، تصدى أبنائه للشؤون العامة، تحت نظر مرجعية الإمام الخوئي، إضافة للسيد الشهيد محمد باقر الصدر.
الشهيد محمد باقر الحكيم؛ أهم شخصية في الساحة تجسد مشروع المرجعية، لذا حاول نظام البعث التخلص منه بإيحاء بريطاني؛ تارة من خلال التسقيط على لسان ذاك التنظيم، وأخرى من خلال التضييق عليه وسجنه.
هاجر شهيد المحراب إلى سوريا، ومنها إلى الجمهورية الإسلامية، حاملا معه مشروع الأمة، الذي دفع لأجله لاحقا 63 من إخوته وأفراد أسرته، علماء وفضلاء في الحوزة الشريفة.
عاني السيد الحكيم في الغربة من نفس أبناء التنظيم، حيث دفعهم البعث إلى الجمهورية الإسلامية، بعنوان المعارضة، عملوا جهدهم ضد المرجعية ومحاولة إسقاطها في نظر الأمة، أتحد ضد السيد الحكيم، الانحراف والعمالة والبعث والمستكبر الغربي والطائفي العربي، كون سماحته يحمل مشروع المرجعية الدينية، وهو المشروع الحقيقي الذي يمكنه أن يحقق طموحات المحرومين والمهمشين وأحرار الأمة.
كل هذا لم يمنع شهيد المحراب من الحفاظ على مشروعه بكل ثوابته؛ علاقته بالمرجعية، تصديه للعمل السياسي، خوض المعارك مع النظام، تدويل قضية الشعب العراقي، رسم علاقات متميزة مع المحيط العربي، لذا كان الرقم الأول في المعارضة العراقية، بل محور حركتها.
بعد التغيير عام 2003، عاد شهيد المحراب، يحمل معه نفس المشروع الذي هاجر معه، وضع الأسس والثوابت، افرز آليات التنفيذ، حدد خطط بناء الدولة، لكن كما في أيام المعارضة، وقف شياطين الأمس ضد كل ما خطط له، ليبقى العراق كما هو اليوم.
رحل شهيد المحراب، وترك مشروع مازال الأول في كل شيء، متى أدركته الأمة وتمسكت به، بلا شك سينقذها من ضياعها. لكن أنى لها ذلك، وقد كثر وساد العملاء والفاشلين وأصحاب الشعار، لتخلط الأوراق، وتضيع ملامح الإنقاذ...
https://telegram.me/buratha