قيس المهندس
الحديث عن تحرير الموصل وعدمه، له مستلزماته الموضوعية، وهي بدورها متعلقة بأحداث الصراعات الداخلية والإقليمية والعالمية، فالداخلية منها تحكي عن واقع العداء الطائفي بين الشيعة والسنة في العراق، بالإضافة الى فتنة القوميين وأعني هنا اتباع النظام البائد من البعثيين الصداميين. اما الإقليمية فتتعلق من جهة بالصراع التركي السعودي للتسيد على زعامة السنة في المنطقة، ومن جهة أخرى بالصراع السعودي التركي مع الإيرانيين في توازنات فرض القوى وتحقيق المصالح على مستوى الإقليم، أما الصراعات العالمية فهي الدائرة بين روسيا والغرب.
ان الشروع بعمليات تحرير الموصل يقتضي تحرير الفلوجة والحويجة قبل ذلك، كون هاتان المنطقتان أولوية، إذ لا يمكن تحرير منطقة الموصل التي تعتبر خارج المناطق الادارية للحكومة العراقية بينما توجد مناطق في الداخل ما زالت واقعة تحت سيطرة جماعة داعش الإرهابية!
غير ذلك فإن عملية تحرير الموصل مرتبطة بصراع النفوذ العالمي بين الولايات المتحدة وروسيا، فما لم يتوصل الطرفان الى حل مرضٍ لهما بشأن سوريا لن يكن هنالك حل لموضوع الموصل، الا اللهم ان يتم تحرير الموصل بتدخل امريكي من خلال نزول جيش امريكي، وهذا ما جاري الاتفاق عليه مع الحكومة العراقية، وبالنتيجة تقام قاعدة او مجموعة قواعد أمريكية هناك في جزيرة الموصل وفي مناطق قريبة من الحدود السورية، وبذلك تضمن الولايات المتحدة تواجدا لها في المنطقة في قبالة التواجد الروسي في سوريا، ومن تلك القواعد تدير الولايات المتحدة الصراع حول النفوذ مع روسيا "لا نقصد الحرب بين روسيا وامريكا" وانما تغليب كفة المعارضة السورية على كفة النظام.
من الصعب التكهن بما سيحصل، لكن ما سيحصل سيكون بإتفاق أو زيادة في التصعيد بين روسيا والغرب، أي ان الصراع بين القطبين العالميين هو من سيقرر النتيجة، والحديث عن قيام الحرب العالمية الثالثة إذا ما القت بظلالها على الاحداث، فإن الموصل ستبقى رهينة بيد الجماعات الإرهابية حتى أمد بعيد.
https://telegram.me/buratha