مع اقتراب الإستحقاق الإنتخابي لمجالس المحافظات، ومرور البلد بأزمة مالية سببها الأساسي "انخفاض سعر النفط" فإن ثمة من يروم العبث بمقدرات البلد ومكتسباته التي حازها الشعب طوال السنين الماضية بأثمان باهضة؛ قدم من أجلها دماء ابناءه وصرخات ثكالاه ودموع أيتامه وعويل أرامله، وكل ذلك بغية بعض المكاسب الحزبية الضيقة!
الأزمة المالية التي يمر بها البلد، سببها الرئيسي كما أشرنا هو "انخفاض سعر النفط" وليس أمراً آخراً، فكل الأسباب الأخرى تبقى أسباباً ثانوية مهما بلغ شأوها حداً من البعد! والحل للأزمة هو بإعادة هيكلة الحكومة "لا حل الحكومة" لأن حل الحكومة يعني انهيار البلد لا سمح الله، فالبلد يمر بظروف حرجة وتحديات خطيرة، وتحاك عليه مؤامرات عديدة من الخارج والداخل على حد سواء.
حكومة التكنوقراط التي دعت اليها المرجعية، وباتت تمثل تطلعات الشعب العراقي، لا تعني بالضرورة تغيير كامل الكابينة الحكومية، ولا تعني كذلك تغيير الوزراء وترك رأس الهرم الوزاري، بل ينبغي ان تكون ثمة لجنة تكنوقراط تعمل على تقييم عمل الوزراء الحاليين، وفق معايير واضحة متفق عليها، فتوصي بإقالة غير الكفوء وغير النزيه وإبقاء الكفوء والنزيه، فالحكومة الحالية غالبيتها من التكنوقراط، والهدف هو الإصلاح لا التغيير العابث.
إذا لم يتم اختيار حكومة التكنوقراط الجديدة وفق معايير صحيحة، ومع الإبقاء على رئيس الوزراء، سوف تأخذ تلك الحكومة حالة من الانسجام مع العبادي، ومع كون العبادي رجل سياسة وينتمي الى حزب الدعوة، فبالتالي ستتشكل حكومة حزب واحد، وسيشهد البلد "مالكي" جديد، "وعادت ريمة الى عادتها القديمة"!
أما الأزمة المالية؛ فإن حكومة التكنوقراط المأمول تشكيلها ستكون جزءاً من الحل، وثمة جزء آخر يُعد أخطر إجراءات الحكومة ضد التقشف، الا وهو تعويم العملة المحلية، برفع الدعم الدولاري عنها، مما يعني ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي، إذ قد يبلغ 3000 دينار فأكثر!
سبب تعويم الدينار العراقي، ان الواردات النفطية تأتينا بالدولار الأمريكي، وعند تحويل الحكومة الدولار الى الدينار ستتوفر الأموال كي تتمكن من دفع رواتب الموظفين، بيد أنه في الوقت ذاته سترزح تلك الرواتب تحت وطأة تضخمٍ سوقيٍ هائل، إذ من المحتمل وكمثال: أن يبلغ سعر كيلو الطماطة 5000 دينار وكيلو الطحين كذلك، اما " علبة حليب الأطفال" فقد تصل الى 50 ألف دينار، وهكذا النستلة التي تحدث عنها الشيخ الصغير والتي ثمنها اليوم 250 ديناراً، سيبلغ ثمنها 1500 دينار.
هذه هي حكومة التكنوقراط، وهكذا ستكون الأزمة المالية القادمة، وهذا ما حذر منه الشيخ الصغير فسُب ولُعن كما سُب ولُعن من قبله نبي الله يوسف عليه السلام، حيث اوّل السنابل والبقرات فهزئوا منه ثم من بعد عادوا ولجأوا اليه، وذلك هو حال الأناس الرساليين ولا عجب.
قال تعالى: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون.
https://telegram.me/buratha