المقالات

ضرورة كتلة الاغلبية السياسية البرلمانية

1713 10:58:31 2016-02-18


خلافاً للولايات المتحدة فان اعضاء السلطة التنفيذية عندنا هم ليسوا سكرتاريات كالنظام الامريكي، كما ان المجلس ككل ليس جزءاً من السلطة التشريعية كالنظام البريطاني. وان تشكيل الحكومة لا يتم باختيار رئيس مجلس الوزراء ليقوم لاحقاً باختيار وزرائه، بل اشترط اختيار رئيس الوزراء ومنحه شهراً واحداً لتقديم حكومته التي يجب ان تحظى هي والمنهاج الحكومي بثقة مجلس النواب.. فان فشل رئيس الوزراء في مهمته خلال الشهر، فان على رئيس الجمهورية اختيار رئيس وزراء اخر (المادة 76/ثانياً). لذلك تعامل الدستور مع الحكومة على انها تضامنية وشخصية، وشخص هذه الثنائية في المادة (82). فهي تضامنية لان قراراتها وسياساتها تتخذ وترسم باغلبية اعضائها، لكنها شخصية لان لاعضائها مسؤوليات محددة، خصوصا لرئيس المجلس الذي عرفه الدستور بالمسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، فهو الذي يقوم بادارة مجلس الوزراء، وهو القائد العام للقوات المسلحة (المادة 78).

فالدستور منح صلاحيات للمسؤولين.. لكنه طوق ذلك دائماً –عدا استثناءات حصرية حددها- بالعودة الى السلطة المؤسسة للحق، كالعودة الى مجلس الوزراء او مجلس النواب او حتى الى الشعب في حالة حل البرلمان او الاستفتاء على قضايا محددة.

كانت احدى اهم الملابسات في تشكيل الحكومات السابقة والحالية، الخلط بين مشاركة المكونات ومشاركة الاحزاب. ففي الوقت الذي بدت فيه مشاركة المكونات امراً ضرورياً لوحدة البلاد -خصوصاً عند تأكيد كل المكونات لرغبتها في المساهمة الجادة، وعدم الذهاب الى سياسات تفرد وتسلط او افتراق ومشاريع خاصة- بدت فيه مشاركة جميع (نعم جميع) الاحزاب والكتل امراً معرقلاً لحسن اداء عمل الحكومة. مما قاد الى نتائج سلبية عديدة.. منها اختلاط المفاهيم والمناهج سواء داخل البرلمان نفسه او بينه وبين الحكومة، او حتى داخل الحكومة.. ومنها تضخيم مجلس الوزراء بشكل معرقل، وتحوله الى مجلس ترضيات وليس الى مجلس سياسات وخدمات واعمال. وهو ما حاول السيد رئيس المجلس حالياً الى تقليصه.. بل هو ما قاد وبمرور الوقت الى اختلاط اوراق الجميع. فلم يرَ الجمهور في مجلس الوزراء (ومجلس النواب ايضاً) غير نوع من التوافقات والمحاصصات، يقابلها فوضى من الصراعات، فصار يتعامل معها ككل واحد لا يميز فيها بين طرف واخر. 

من هنا تأتي اهمية كتلة الاغلبية السياسية البرلمانية.. فهدفها ليس تكريس سلطة احد او منازعة سلطة قائمة.. بل هدفها الثبات والواقعية في عمل البرلمان والحكومة. فخلافاً لما جرى حيث يتسابق الجميع للمشاركة، وحيث تمنح الوعود بدون حساب، لتضمن الحكومة اعلى الاصوات لنفسها، ولو على حساب الجدية وقدرة الايفاء في التطبيق لاحقاً، فان المطلوب اليوم اغلبية سياسية تضمن المقبولية الوطنية الواسعة، والمتفقة على منهاج الحد الادنى الضروري الذي لا يمكن للبلاد التقدم بدونه.

اغلبية تتفق تماماً حول عدد مركز ومحدد من البرامج والخطوات المحورية والاساسية، ولا تتعداها الى كل الامور والجوانب التي قد تبقى مورد خلاف، لكنها لا تعطل عمل الحكومة وسياساتها الاساسية. اغلبية احدى علامات جديتها حماية اقلية سياسية معارضة.. فتشعر الحكومة ان لديها سنداً قوياً واكيداً من اغلبية ثابتة وواضحة في البرلمان، وتشعر المعارضة ان لديها مساحات عمل لا تجعل اشتراكها في الحكومة قضية حياة او موت. بدون ذلك ستفقد الحكومة ولي امرها، ومصدر قوتها وتأييدها، وستفتح الباب اما لفراغ سياسي واسع، او لفوضى عارمة واتجاهات خطيرة.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك