المقالات

قناعة المسؤول.. عامل من عوامل العطل

1579 15:20:37 2016-02-03


في خطبة الجمعة الماضية قال سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي "ان الحكومة مدعوة الى الاستعانة بفريق من الخبراء المحليين والدوليين لوضع خطة طوارىء لتجاوز الازمة الراهنة.."، ويقينا ان هذا توجيه صحيح.. فالبلاد لا تنقصها القدرات المادية التي لا تستثمر الاستثمار الصحيح.. والبلاد فيها من الموجودات والاصول والفرص ما يسمح لها بالانطلاق مجدداً، وعدم الاعتماد على موارد النفط فقط..

بل ان الموجودات النفطية هي بحد ذاتها سبيكة ذهبية سوداء من شأنها ان تطلق نشاطاً اقتصادياً هائلاً، شأنها في ذلك شأن سبائك الذهب الصفراء.. التي عندما امتلئت وتمتلىء بها خزانات الدول، فانها كانت وستكون سبباً لتوليد الثروات والعملات والسيولات والنشاطات والمداخيل. كما ان الخبرات الوطنية ليست قليلة لكنها مبعثرة وغير مستثمرة، والاهم من ذلك ان مشاريعها ومقترحاتها لا تجد الرحم (المؤسسة) الذي يمكن من خلاله اخصاب الفكرة لتعطي ثمارها المطلوبة.. علماً ان الخبرة والمعرفة لم تعد شأناً محلياً او وطنياً، بل صارت بالضرورة حقيقة عالمية.. تنتقل بسهولة ويسر بين الامم والبلدان. لذلك خيراً تفعل المرجعية باعطاء التوجيه العام، وعدم الدخول في التفاصيل. فهي تقول لاصحاب الشأن اتحدوا، وتبنوا السياسات الصحيحة وانا ادعمكم.. فلو اقتدى المسؤولون اسلوبها، ولم تحجز قناعاتهم الخاصة الطريق امام الافكار الصائبة، لرفعت الكثير من الحواجز امام فرص الخروج من الازمة واصلاح شؤون البلاد.

تجربتي المتواضعة في العمل السياسي والاداري طوال العقود الماضية جعلتني ادرك ان من اهم الحواجز امام الوصول الى التطبيقات والسياسات الصحيحة هي قناعة المسؤول. وبالطبع هذا حق له، لكن ما ليس حقاً له ان يحجز قناعات الاخرين حتى وان كانت ارقى من قناعاته.. فالمسؤول في حزبه، او دائرته، او وزارته، او في اي مركز قرار اخر هو السلطة، وهو القرار، والتي ترقى قناعاته وقراراته الى ما يشبه الاحكام الدينية. فما لم تتشكل له القناعة فالامور معطلة.. وعندما تتعطل الامور فيما يخص شؤون الحياة العامة، فهذا يعني ان الامور متراجعة. ففي مثل هذه الشؤون التي تتحرك فيها الاراء وتتسابق فيها حقائق الحياة فان عدم مواكبتها، وخدمة عوامل التقدم فيها سيعني بالضرورة التأخر والتخلف، وهو ما يحصل عندنا. وهذا هو الفرق بين القيادات المؤسساتية والقيادات الفردية.

بل ان المسؤول المؤسساتي الذي يأخذ باراء غيره او من هم ادنى منه منصباً، لكنهم اكثر منه خبرة وعلماً واختصاصاً سيعتبر مسؤولاً ضعيفاً بمقاييس الجهلاء. وقديما قال ابن المقفع: "ان الدين يسلم بالايمان، وان الرأي يثبت بالخصومة، فمن جعل الدين خصومة، فقد جعل الدين رأياً، ومن جعل الرأي ديناً فقد صار شارعاً، ومن كان يشرع لنفسه الدين فلا دين له"

العراق ليس اول بلد يمر بمثل هذه الظروف، بل تمر بها عادة بلدان عديدة، وتتخذ سلسلة اجراءات تسمح لها بالخروج من ازماتها.. لكن العراق ما زالت تحكمه الشخصنة من اعلاه الى ادناه.. واغلبنا لا يستمع سوى لصوته، فيفتي وينظّر، فيما لا شأن او علم له به، وهو ما يزرع كل عوامل الفوضى والاضطراب التي نشهدها. والشخصنة لا تمنع فقط من اتخاذ قرارات الخبرة، بل هي تربي ايضاً اهل الخبرة انفسهم لينظروا في عيون المسؤول، فيكيفوا ارائهم بما يرضيه ويعزز قناعاته. وهو العامل الاهم الذي يجعلنا ندور في دوائر مغلقة، ويجعل البلاد عاجزة عن التقدم واصلاح امورها والخروج من ازماتها.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك