المقالات

لنجعل من الخالة أم فراس نموذجاً للوحدة الوطنية

2344 17:59:00 2007-10-06

( بقلم : عبد السلام الخالدي )

هذه الحكاية حقيقية وواقعية ومن دون أي تزويق أو مرسومة من نسج الخيال: الخالة أم فراس إمرأة أربعينية ذات وجه سموح ، طيبة القلب، حسنة الأخلاق، تعيش مع زوجها وأبناءها في حي متجانس من كل الطوائف والمذاهب لم يسجل فيه أي خرق طائفي أو عرقي لاسمح الله منذ سقوط الطاغية والحمد لله، تنتنمي إلى مذهب وزوجها إلى مذهب آخر ومتعايشين بسلام وأمان، تمتلك الخالة أم فراس أسواق نستطيع القول عنها أكبر اسواق في المحلة تعتاش منها وتوفر اللقمة الشريفة لأفراد عائلتها، أم فراس تعامل جميع شباب المحلة وكأنها أمهم تتحاور معهم بكل طيبة وحنية وأخلاق، تناديهم (هلة بيك ماماتي)، تعطف على الصغير وتقول له وليدي تحترم الكبير وتناديه (خوية)، علاقاتها طيبة مع الجميع، لم نسمع يوماً أن أم فراس قد زعل منها أحداً أو زعلت من أحد، تتحول أسواق أم فراس ليلاً إلى قبة برلمان مصغرة يجتمع فها الشباب والكبار يناقشون أوضاع البلد اليومية ومايتعرض إليه من هجمات شرسة تحاول النيل من وحدته الوطنية وصفه المرصوصيشاركنا بعض الأحيان السابلة المتبضعون فمثلاً يأتي رجل بسيط يشتري كيساً من الشعرية لإعداد الشوربة لوجبة الفطور ويشارك في الحديث، لم نتطرق يوماً ما في نقاشاتنا السياسية إلى مصطلح سنة وشيعة أو أكراد وعرب (هذه حقيقة وبلا مبالغة) لأن هكذا موضوع عيب التطرق إليه وحتى غالبية المجتمعين لم يعرف مذهبية الآخر أو قوميته، الحوارات هادئة وغير متشنجة مع عدم المساس بأي شخصية دينية أو سياسية وتقود هذه الجلسات الخالة أم فراس. لم نجد يافتة معلقة على جدار الأسواق كما نراها في غالبية المحلات (الدين ممنوع) فبالعكس الدين مسموح ومسموح جداً، تراعي الحالة المعيشية لكل عائلة من خلال إلمامها حيث تكاد تكون أم فراس من أقدم العوائل الساكنة في المحلة، تساعد من يحتاج المساعدة وتستخدم سيارتها الخاصة لذلك، تتزاور مع كل أهالي المحلة في المناسبات المفرحة والمحزنة وتعرض خدماتها عليهم.

ذات يوم جلست الخالة أم فراس صباحاً كعادتها فوجت ورقة ملفوفة بطريقة غريبة في باحة دارها المجاورة للأسواق، محتوى هذه الورقة هو التهديد بمغادرة المحلة فوراً مع عدم السماح لحمل الأمتعة والأغراض، إستغربت المحلة قبل أن تستغرب أم فراس من هذه الحركة الدنيئة فهل هي حقيقة أم مزحة (الله أعلم) هذا مالم يكن في الحسبان أن تهدد الخالة أم فراس بالرحيل من المنطقة وقد تعودت كل العوائل التبضع من هذه الإنسانة الخلوقة، واين سيذهب الشباب ليلاً ومع من سيفتحون أبواب النقاش والحديث عن هموم الوطن ولم تخلو أحاديثنا اليومية عن مايحصل في بعض المناطق من تهجير وقتل حيث كانت أم فراس من أشد المعترضين على هذا الإسلوب الرخيص والقذر فلم تكن تتوقع أن تمر بهذا الموقف ولم نتوقع كسكان لهذه المحلة المتجانسة أن يدخل محلتنا الإرهاب والعصابات التكفيرية والصدامية، أبت الخالة أم فراس الرحيل وقررت التحدي فجميع أهالي المنطقة أكدوا وقوفهم معها إلى لآخر المشوار مع التأكيد على أن المحلة خالية من هكذا نماذج.

قبل ثلاثة أيام إتصلت بالبيت لأمر هام فقالت لي زوجتي خالة أم فراس إنطتك عمرها فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم الذي حصل لها لم تستحمله فكانت صدمة قوية على قلبها فلم تستحمل وفارقت الحياة، ردت عليّ زوجتي أم فراس قتلت، كيف؟ ياللهول، ومن الذي قتلها؟ أي مجرم يتجرأ على فعل هذه الجريمة النكراء والبشعة؟ أم فراس تقتل؟ ولماذا؟ قالت زوجتي ظهر اليوم دخل ثلاثة مسلحين ملثمين إلى الاسواق المكتظة بالمتبضعين من أطفال ونساء ورجال وأطلقوا عليها وابلاّ من الرصاص من بنادقهم المليئة بالحقد الدفين على وحدة وتماسك الشعب العراقي، قتلوها وهي صائمة، قتلوها وحفيدها الوحيد بين أحضانها فتناثر دمها الطاهر على وجهه البريء.

وهنا حاولت الحصول على ماكان يراودني سابقاً ولم أتجرأ أن أسأل به الخالة أم فراس أو أي أحد آخر في المنطقة لأن بمجرد التفكير بالسؤال في هذا الموضوع في محلتنا سيعرضك للنقد الجارح، سألت زوجتي هي أم فراس الله يرحمها سنية لو شيعية؟ فأجابت زوجتي أم فراس .........!!!. رحم الله أم فراس رمز الوحدة الوطنية في محلتنا.....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو يوسف
2007-10-06
رحم الله ام فراس و اسكنها فسيح جناته لعن الله مثيري الفتنه و الطائفيين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك