نرى إن المجتمعات تتسابق في كمالاتها الجسمانية, فنرى الاهتمام بالذهاب إلى الطبيب عند المرض, و إعلانات لمراكز الطب والتجميل في كافة أنحاء العالم, حتى أصبح الفرد يرتاد هذه المراكز أكثر من زيارته لمكتبة أو تحصين نفسه بعلم نافع, ألا يستحق العقل عناية أهم من سائر الجسد؟!
منشغلون جدا بنشر الأفكار المريضة! بينما لا يتوقفون قليلا عند تفسيرها! و أنشغل المجتمع بتبني تلك الأفكار بانتقائية الهوى, بينما الأفكار تنتقى بالعقل؟! العقل يفيد الآخر بجمال تحليله, وينهض بالمجتمع دون إراقة الدماء, وهو ارث الأجيال المتعاقبة, بينما كمالات الجسد تفيد الفرد نفسه! كذلك خطورته في تبني الأفكار, هي أخطر بكثير من مرض أو تجميل للجسد, فلماذا لا نستفيق قليلا لذلك العضو المريض؟! الذي فتك بربع العالم منذ نزول ادم الأرض! وها نحن اليوم نعيش خطر تجميد ذلك العضو المهم في المجتمع, وسبب التعطيل هو نحن.
متى نلتفت قليلا لذلك المرض في جسدنا؟! طبيب الجسد نصرف له النقود الطائلة, بينما ذلك الجزء المهم لو أنعشناه فنجني منه راحة آنية ومستقبلية!
إن أهم أسباب إهمالنا لهذا الجزء الحيوي, هو عدم معرفتنا بما يستند إليه, ويأتي ذلك لعدة أسباب, فهو جهاز منطقي لا يكذب ولا يتملق ولا يفعل أي شيء خارج نطاق منطقيته, فعندما نجده تعطل من شيء يعاكس الهوى عمدنا على تعطيله أكثر فأكثر, أو نعمد على برمجته حسب ما يقتضيه الهوى, وبالتالي نحن نعطله أو نمرضه في الحالتين, فمثلا هو لا يقبل أن تبرمجه على البغض والكراهية, وهوانا يشدنا لذلك! لا يقبل أن تنظر بالدونية لنظرائك في الخلق, إما نحن فنبرمجه دون ذلك, وهكذا فهو مريض منا, ولا نشعر بذلك.
سائر الأعضاء في الجسد عندما تمرض تنهك صاحبها, ولكن مرض عقولنا قد أعيا جميع المخلوقات, و أمتد عبر الأجيال, فكلما يبتعد إلى جيل يستفحل أكثر, لعدم المكافحة العلمية, وتسيير الهوى بدلا عن العقل, فما بال ذلك الذي يدعي العقلانية وينتقي من الكلام ما يوافق هواه؟! فمثلا انتقت الأديان أفكارا منحرفة وتركت نص كتبها, فلما أدى هذا التضارب إلى عدم مقبولية العقل لمثل ذلك الفعل, ارتد سلبا على المدعي للتعقل, فقتل الحامل للمشروع الرئيسي, وبذلك برمج عقله على المعارضة الدائمة لكل من يحمل ذلك الفكر.
هكذا توارث ذلك المرض حسب نظرية الوراثة, فنجد سائر الشعوب رغم تطورها, تعطل تلك الخلية التي تنمي ذاتها, فنجد بروفسور مثلا يسجد لبقرة, ونتج ذلك الفعل عن عدم انسجام العقل مع رفضه لوجود طاقة خارجية خالقة للكون, وهكذا فعندما فعل ذلك المتبني لمشروع الإسلام, ما يتعارض مع مشروعه الرئيس, شرع لنفسه شرعة أدت به إلى التطرف وإلغاء العقل مطلقا, وتجد الصراعات النفسية تتغالب على العقل, بينما عندما نتبع العقل ونصلحه سنجد ما نتوق اليه فرديا منتشر في المجتمع, وبالتالي سنكون سعداء عبر الاجيال.
نهاية: متى ما عرفنا المشروع العقلي الصحيح, فلا حاجة لنا بعد بالمراجعة على أمراضنا الجسدية الأخرى, عافي عقلك تنهض بأمتك.
https://telegram.me/buratha