عن النبي محمد, عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم: "بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء".
لقد أرسل الباري عز وجل, برسالته الإنسانية الى البشر أجمعين, منطلقة من مكة المكرمة, التي كانت تغط بجهل لا حدود له, حيث عبادة الأوثان من دون الخالق, حتى وصل بهم صنع أصنامهم من التمر, ليأكلوها بعد إحساسهم بالجوع, دون التفكير بمن خلقهم بشراً, ومَيَّزَّهُم بالعَقل الذي يجعلهم أسياد المخلوقات جميعاً.
تمت الرسالة المحمدية عام 11 للهجرة, رسم الخالق للمسلمين الأوائل مبادئ الدين والحكم, عن طريق القرآن الكريم, وجعله كدستور شامل لجميع نواحي الحياة, وشروحاً هي أشبه بالقوانين, التي تتبع الدساتير العامة للدول, وتمت كلمة الرب الرحيم, لينتقل الرسول صلوات ربي عليه وآله, إلى الرفيق الأعلى, وتبدأ مرحلة جديدة في التأريخ.
أحَبَّ العَرب الزعامة والسيادة, فعادوا إلى سابق عصرهم, حيث النزاع على الحكم, لتترك وصية رسول الرحمة والإنسانية, وتناسوا بيعة غدير خم, ليتفقوا كزعماء قبائل, على أبي بكر خليفة أول للمسلمين, بسقيفة بني ساعدة, التي تُعَّدُّ أول انشقاق بصف الاسلام, فهناك كثير ن الصحابة, لم يقدموا على مبايعة ابن ابي قحافة.
بعد الشورى أتت الوصية ليكون عمر بن الخطاب خليفة ثانٍ, لتصير إلى التحكيم في الخلافة الثالثة, مما يؤكد عدم وجود منهج ثابت للحكم, وقد اعترف الخليفة الأول بقول" علي أعلمنا أفقهنا أتقانا", وهذا يعني ان الرجل لم يوضع في المكان المناسب, وقال الخليفة الثاني ما معناه" لا أبقاني ربي لمعضلة ليس لها أبا الحسن" ويعني بذلك علياً بن أبي طالب عليه السلام.
أُرغِم علي عليه السلام على تسنم الخلافة, فساد العدل بفترة حكمة, ليحاربه معاوية الطامع بالحكم, والذي كان واليا على الشام, وحاربه الخوارج بعد حرب صفين, فتم اغتياله بمحراب مسجد الكوفة, ليعيش العالم الإسلامي, بين إسلام مشوه, حيث كان هم الحكام, هو السيطرة على أكبر رقعة جغرافية, دون التفكير بالفِكر الإنساني, وقد قال علي عليه السلام:" لو ترك الأمر لي كما أراده الباري عز وجل, لأسلم من في لمشرق والمغرب, دون أن أضع يدي هذه على هذا, وأشار إلى سيفه, فقال له أحدهم فَبِمَ تَحكُم؟ قال: بهذا وهذا وأشار إلى لسانه وعقله.
قال عز من قائل في كتابه المجيد" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم .. إلى آخر الآية 144سورة آل عمران, لقد نسى العرب الرسالة, وأنسوا العالم أسُسَ يوم الفتح وصيانة الحُرَمَة, ليصدروا دين السيف والسبي, وبدلاً من ان إتباعهم خُطى رسالة الخالق, رجعوا لأهوائهم التي حجبت الحقيقة, لينبذهم الشرق والغرب, ويرجعوهم للتناحر فيما بينهم.
هنا يتبادر لي سؤال, وقد يسأله كثيراً من المسلمين, هل وصلنا إلى عودة الاسلام من جديد؟ فكل ما يحيط بنا من أحداث, يشير إلى عودة الأمور, إلى الجهل والحروب وانتهاك الحُرمات, بحيث لا نرى من الإسلام إلا لقلقة ألسن.
الأصنام عادت بصور آدمية, وليست من التمر أو الحجر, ليس مهماً أن يكون الحاكم قادراً على الحكم والعدل, فالأهم هو القوة والبطش, ليرضخ الجميع.
https://telegram.me/buratha