زيدون النبهاني
لا نعرف مَن كتبَ خِطاب المالكي بمناسبة الأربعينية؛ إلا أننا نتوجه بعظيم الشكر والعرفان لأنامله، بصراحة قد أدهشنا بهذه المفاجئة، التي جعلتنا نخدش أذاننا بأصابعٍ من حديد، خشية أن يكون ركام خطابات الثماني أعوام أغلقها.
العين تدمع والقلوب تتألم؛ ليسَ لمصاب أهل بيت النبي (صلواته تعالى عليهم) هذه المرة، لأنه حزنٌ لا ينقطع، وأنما؛ لهول المصيبة التي رأيناها، فقد تبين لنا أن المالكي بأستطاعته الإستعانه بشخصٍ سوي؛ لكتابة خطاباته، ترى ماالذي أخره إلى هذه اللحظة؟!
خِطاب المالكي الأخير؛ فيه ما يستوقفنا لقراءته؛ كانَ متسلسلاً وسلساً، ومحدوداً ومحدداً بالحادثة؛ وكانَ قصيراً عميقاً، ركز من خلاله على أهمية الوحدة! والسلام! وإصلاح السياسات السابقة! و! و!
مَن يجد صعوبة في تصديقي؛ عليه أن يراجع السيد "يوتيوب" ليرى الفيديو، لكني لستُ متيقناً مِن سلامته العقلية؛ وهنا أقصد "اليوتيوب" وليس "المالكي"!
أتذكر جيداً؛ نصيحة السيد عمار الحكيم "دام توفيقه" للسيد المالكي، في واحدة من أمسيات الملتقى الثقافي المقامة في مكتبه ببغداد؛ وقتها حرص سماحته على الإدلاء بما معناه: (كلنا نستطيع أن نتحدث بدون ورقة، إلا أننا نكتب محددات الكلام بورقة صغيرة، كي لا نندم على ما نقوله، وهنا أجد ضرورة على البعض، أن يكتبوا ما يريدون بورقة كي لا يخطئوا) !
فترة حكم المالكي، لم نرى منها شيء سوى الصراخ والعويل، كأن الوطن أستأجر بيتاً في سوق الصفافير، هو يصرخ هنا وقبالته السنيد، والفتلاوي وعالية تخصص عويل، وملفات توزع على الصقور، صقور تنعق وتعض، لا تبني ولا تعمر!
ثمانية أعوام كانت كافية؛ كافية لقتل أخر أمل، وصلب أول أرادة، كانت تكفي لشق الوحدة كما شق المالكي أوراق.. قد يكتب فيها خطابه، كانت كافية لتهميش المثقف والعالم والوطني؛ كما همش المالكي من يمكن أن يكتب له خطاباً معتدلاً.
لا بد لهذا الخطاب أن يُسجل في صفحات التأريخ؛ أنه أول خطاب لا يهجم فيه الرئيس! هو أول خطاب لا يخرج فيه الرئيس عن النص! هو الأول في حمله لكلمات الوحدة والألفة والمحبة!
أين كانت هذه الكلمات؟! أم أنك تعرف أنك رفعتها من قاموس العراقيين، لذلك تبعتها بجملتك التي أعتبرها صحوة ضميرك الميت؛ إصلاح السياسات السابقة..!
لا أعرف من كتب لك هذا الخطاب؛ لكنه مثلك لا نبرئه الذمة؛ بقدر جراحاتنا؛ بقطرات الدم وسبايكر والانفجارات وسحب الدخان، بقدر تأخرنا وتخلفنا وزوال نعمتنا؛ لا نبرئه الذمة.
تأخرت كثيراً جناب الكاتب؛ ما تكتبه أصبح من الماضي، لا يفيدنا اليوم بشيء ولا حتى تحفة فنية؛ فسوق التحف لا يستهوي الدم، بالضبط كما يتلعثم رئيسك بقراءة كلماتك الدخيلة على ثقافته.
تأخرت وتأخر فتأخرنا؛ عن دولٍ ولدت بعدنا فأصبحت تسبقنا، نحن في أخر قائمة الوحدة والإصلاح والمودة، لك وله ولصدام ولأصابعنا الشكر؛ لكني أبقى أتسائل بعجب؛ من كتب خطاب المالكي الأخير؟!
https://telegram.me/buratha