كل من عليها فان، كلمات نقرأها هنا وهناك ونؤمن بها، لأنها تنبئ عن رحيل أحدنا نحن البشر، فلابد للموت أن يعانق أرواحنا وهو يدركنا لا محال، فلا بقاء ولا خلود الجميع في طريقه للفناء، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
رجل السياسة في العراق، ومهندس التحرير، وغيرها الكثير من هذه الأوصاف، أُطلقت على السياسي الراحل أحمد الجلبي، صاحب التأريخ الطويل بمقارعة نظام العفالقة في العراق، فمن لا يعرف حقيقة الرجل هم كثيرون، ومن يتعرض له بما هو غير لائق كُثر أيضاً، لينهال بعضهم ممن انطلت عليه أُحدوثات البعث بأزكم الكلمات وأمجنها، متحاملين جزافاً على رجل يجهله أغلبهم، ليصبحوا بصنيعهم هذا، بعثيين وإن لم ينتموا.
أحمد الجلبي، سبق الجميع وتصدى، استطاع فيما بعد وبحراكه المكوكي، أن يألب الموقف الأمريكي ضد نظام صدام العفلقي، وأن يغير البوصلة من داعمة ومؤيدة الى عدوة ومحاربة، فأسهم وبشكل ملحوض، في اسقاط العصابة البعثية الجاثمة على مقدرات البلاد والعباد.
يبدو أن للسبق والصدارة علاقة مع الجلبي، فهو من الأوائل الذين أفصحوا عن أنفسهم بمناهضة الحكم الصدامي في العراق، وأفنى بذلك شطراً من عمره، وهو من المسارعين في دخوله البلاد، بعد انهيار النظام في 2003، إلا أن المواجهه لم تنتهي معه بعد.
كنتيجة حتمية يصل إليها كل بني البشر، أدرك محطة الإقلاع بتذكرة مفادها، وجاءت سكرة الموت بالحق، الجلبي، بعد عمر تجاوزت سنينه ال70، فصبغته الشيعية التي حافض عليها، جعلته يدفع ضريبتها تهميش وإقصاء، ليُستبعد كي لا يؤخذ دوره الحقيقي في عملية بناء الدولة.
فقيد العراق، آخر ما حصل عليه الجلبي، ومثواه الأخير ببقعة مباركة بجوار إماما هدىً، عند مرقد الكاظم والجواد، عليهم أفضل الصلواة، رحل الرجل لترحل معه الكثير من المفاجئات، بموته هذا قد تنفس المفسدين صعدائهم، بعد أن ضيق الخناق بالأدلة والملفات عليهم، مرةً أُخرى، الجلبي يسبقهم ليكون شاهداً على أفعالهم وسرقاتهم، عند عزيز مقتدر.
https://telegram.me/buratha