لم تعد الألوان في عصرنا الراهن مختلطة على العيون فعالمنا اليوم متواصل مع بعضه ولا يمكن لأية قوة في الأرض مهما امتلكت من القدرات المالية والإعلامية أن تحصر الناس في أطر توجهاتها وغاياتها الضيقة. وشمس الحقيقة لايمكن أن تحجبها غرابيل الطغاة الذين همهم الوحيد محاربة القيم النبيلة التي تدعو إلى تحرر الإنسان من تسلطهم اللاشرعي واللاقانوني، وتنفيذ رغبات أعداء الأمة من قوى الإستكبار العالمي مقابل حماية عروشهم المبنية على جماجم المضطهدين في بلدانهم. وهاهي سجونهم تغص بالطبقة المثقفة الواعية من شعوبهم من سجناء الرأي الذين لم يرفعوا سلاحا، ولم يسلكوا طريق العنف للمطالبة بحقوق المكونات المحرومة من أبسط حقوقها فحكمت محاكمهم المسيسة عليهم بالإعدام وزج بالبعض الآخر في السجون لعشرات السنين. وقضية الشيخ المجاهد نمر باقر النمر والكثيرين من أمثاله شاهدة على بغي وإجرام طغمة آل سعود وشبيهاتها في الظلم والطغيان ، وآمتهان كرامة الإنسان. والغرب يشاهد ويعرف كل مايدور في هذه السجون من إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان لكنه لايتحرك ولا يحتج على هذه الأنظمة حفاظا على مصالحه الإقتصادية التي تعتبر من أولوياتها. ولا نبالغ إذا قلنا إن حكام آل سعود وأتباعهم من ملوك وأمراء ومشايخ البترول هم المثل الأسوأ في أنتهاج الطائفية في كل توجهاتهم وتحركاتهم فأصبحوا بسلوكهم هذا وبالا على شعوبهم والمنطقة العربية. إنهم يصرون بكل مايمتلكون من مال وإعلام على بث النعرات الطائفية والعنصرية وإشعال الحروب الدموية في المنطقة على هذا الأساس والتي تشكل مناخا مثاليا وخصبا لتنامي الإرهاب وتقوية شوكته ، وآنتقال حرائقه المدمرة إلى كل بقعة في العالم وهذا الذي يحدث اليوم .
لقد أصبح سلاح طغمة آل سعود الأول هو السلاح الطائفي لأنه السلاح الأمضى والأشد فتكا لتمزيق الأمة العربية والذي يحقق الهدف الأمثل لتحقيق أهداف الصهيونية العالمية. بعد أن جند أباطرة البترول وسائلهم الإعلامية الضخمة التي بلغت أكثر من سبعين فضائية ومئات الصحف والمطبوعات والمساجد التي تلقى فيها الخطب التكفيرية على مدار الساعة لبث هذه الطائفية باسم الإسلام والعروبة وكلاهما يبرآن من أفعالهم النكراء فالعربي الأصيل يقول:
وآنف من أخي لأبي وأمي- إذا مالم أجده من الكرام.
والإسلام يقول : ( أدعُ إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .) ولكن مايفعله هؤلاء الحكام يخالف العروبة والشريعة الإسلامية السمحاء. لكنه ينطلق من الفكرة الوهابية الجامدة والعدوانية والرافضة لكل المذاهب والأديان والأخلاق العربية الأصيلة. إنهم حولوا كتبهم المدرسية ومساجدهم ومراكز بحوثهم وجامعاتهم إلى بؤرة للفكرة الوهابية التي يستمد منها الإرهاب العالمي كل أفكاره الجهنمية المعادية للقيم الإنسانية التي تدعو إلى السلم والمحبة والوئام بين البشر. وقد تغاضى حكام أمريكا والغرب عن كل هذه الدعوات المنطلقة من أرض نجد والحجاز حفاظا على المصالح البترولية والأموال الخليجية الهائلة المودعة في البنوك الأمريكية والغربية. ومقابل ذلك استطاعوا أن يوحدوا عملائهم في المنطقة العربية لتنفيذ أهدافهم الخبيثة بعد أن رسموا لهم المخطط الذي يستهدف قوى الممانعة ضد العدو الصهيوني الذي هو العدو الأول للأمة العربية لتمزيق جسدها وجعلها أشلاء متصارعة بناء على وصية وزير الخارجية الأسبق هنري كسينجر لرئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن الذي قال فيها:
( إنني أسلمك أمة نائمة ، والمشكلة إنها تنام ولا تموت ، فآستثمر قوة نومها مااستطعت ، فإنها تعيد في سنوات قليلة ماضاع منها في قرون.)
وهاهم حكام آل سعود ينفذون هذه الوصية بحذافيرها والطريق الأمثل لتنفيذها هو إثارة النعرات الطائفية والعنصرية في المنطقة العربية التي تقوي الإرهاب في المنطقة وتوهن قدرات الأمة الخلاقة الساعية نحو التطور. ومد الجماعات الإرهابية منذ خمس سنوات في سوريا بالمال والسلاح من أجل ديمقراطيتهم المزعومة شاهد على ذلك. فالعالم كله يرى الغرب وفي مقدمته أمريكا وبريطانيا وفرنسا كيف يضخ أحدث الأسلحة الفتاكة التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات للنظام الملكي السعودي وأتباعه للإجهاز على شعب اليمن وبنيته التحتية. واحتلال البحرين وتدمير سوريا والعراق بواسطة أدواتهم من الإرهابيين وعلى رأسهم داعش والنصرة وجيش الفتح وجيش الإسلام والعشرات من (الجيوش الإسلامية ) لو كانت في زمن صدر الإسلام لفتحت الصين . حتى إن فرانسوا هولاند رئيس فرنسا وديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا تحولا إلى تاجرين لبيع الأسلحة في كل زيارة يقومان بها إلى هذه الممالك والمشايخ والإمارات البترولية .
https://telegram.me/buratha