ونحن نعيش الألفية الثالثة القرن الواحد وعشرون عصر الصعود للقمر والبحث عن الأسرار المخفية فيه ,عصر التكنلوجيا المتطورة والتقدم العلمي وناطحات السحاب وصواريخ عابرات القارات ,لازالت مناطق بغداد وضواحيها عند هطول الأمطار تغرق ...تغرق ...تغرق بسبب منظومة مجاري المتهرئة والمتآكلة والقديمة ,
هناك من يعلل هذه الفوضى أن الأمطار هطلت بكميات كبيرة جدا ً,كأنه يريدنا أن نخرج في العراء ونصلي ونتضرع للباري بأن يمنع نزول الغيث ,هناك شعوب تصلي صلاة الاستسقاء متأملة رحمة الرحمن بأن يدر عليها المطر أي مفارقة هذه التي نعيشها ,لقد ذهبت أموال طائلة دون رقيب وحسيب لا يسعني عدها وإحصائها جراء آفة الفساد المالي والإداري ,وتركت العاصمة التي كانت مناراً يتغنى للعالم بها تواجه مصير حديث شبكات المجاري وتصريف مياه الأمطار,أي ضميرُ يستتر وراء من يسيء لنا ولمقدراتنا ,وهو يشاهد عوائل تترك منازلها وتعيش تحت سقف الليل ,ومهجرين تركوا بيوتهم فكان الماء والفيضان لهم بالمرصاد ,كانت الدول تبحث عن هويتها في زحام المدنية والحضارة وهي تتمنى أن يكون لها شارع كشارع الرشيد والمتنبي أو جامعة كجامعة بغداد أو المستنصرية ,أين نمضي وبأي طريق نسير؟أين الشركات العملاقة العالمية لماذا لم يؤتى بها ليؤسسوا لنا منظومة مجاري جديدة تستوعب الأمطار أسوة بباقي الدول ؟أي جبهة نقاتل عليها ,وأي ثغرة نسدها ,جبهة داعش التي تريد انتهاك الأعراض واستباحت مقدرات المجتمع دون خطوط حمراء في سلوكها المنحرف ,أم جبهة الفساد الذي تحول ثقافة مجتمعية وأصبح الوجه الآخر للإرهاب وسرقة الأموال بأسم عناوين ومسميات عديدة وحيل شرعية ,أم جبهة المنافقين الذين لا نعرف ماذا يريدون فعله ؟ليس لهم وظيفة سوى التسقيط والتشويه وبث الإشاعات وروح اليأس بين صفوف المجتمع ,أومن باعوا ضمائرهم واستبدلوا قيمهم بمغريات الدنيا الزائلة ,
لقد أكتشف قبل مدة في محافظة الناصرية ان "شبكة المجاري المشيدة في مدينة أور الأثرية قبل أربعة آلاف عام لازالت تعمل حتى الآن وبآلية محكمة وبدون اي نسبة خطأ,خلافا للمجاري المشيدة قبل أعوام قليلة فقط في مدينة الناصرية والتي ما ان تمطر السماء حتى تطفح مجاريها وتطفو المياه الى السطح,ونقلت شبكة الناصرية عن الباحث الاثاري عامر العامري قوله ان "شبكات المجاري في مدن العراق القديم ومنها مدينة أور الأثرية وأم العقارب وشميسه ،والمشيدة قبل أربعة ألاف عام ،كانت مصممة بشكل هندسي وفني غاية في الدقة وكانت تؤدي دورها بكل نجاح وبدون نسبة خطا",
وأوضح ان "الشبكات كانت عبارة عن مجموعة أنابيب فخارية متصلة ، طول كل أنبوب منها 90 سم وقطره 50 سم ، ويرتبط احدها بالأخر حتى يصل طول الانبوب الكلي إلى ما بين 40 الى 60 مترا تحت الارض".,وبين ان "السومريين كانوا يحيطون شبكة المجاري تلك بتراب الفخار ليولد مسامات قادره على امتصاص وتسريب ما يرشح من مياه المجاري دون ان يولد اي مشاكل في تربة الشوارع والمعابد والدور السكنية".ولفت الى ان "المضحك المبكي في الموضوع هو ان شبكة المجاري هذه لازالت تعمل حتى الان ،فإذا أمطرت السماء في ذي قار تبقى شوارع مدينة أور الأثرية نظيفة بفضل مجاريها ذات الأربعة آلاف عام ،بينما تغرق شوارع الناصرية التي شيدت مجاريها قبيل أعوام قليلة فقط .
https://telegram.me/buratha