السيد مُحسنُ الحكيمِ، وبِحُكم خبرتهِ الدينيةِ والجهاديةِ، والإرث العائلي العريق، الذي يمتد ليتصل بالمُصلح الإجتماعي الأعظم، ونبي الرحمة والإنسانية(محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم)، إستطاع أن يؤسس مدرستهُ الفكريةِ الخاصة، التي تتبنى مشروعاً واضحَ المعالمِ، في بناءِ مجتمعاتٍ وفقَ إطارٍ وطني، يَخدُمُ الشعبَ ويَحترمُ الأديان، وثقافات وخصوصيات الشعوب، لا سيما بعد تزعمهِ الطائفة الشيعية بلا مُنازع، طوال ثلاثةِ عقودٍ من القرن العشرين.
دانت جميع الحوزات العلمية لمرجعيتهِ العُليا، ووفق هذا الخط والإطروحةِ الفكرية، سار زعيم الطائفةِ الكبير(السيد الخوئي) بعده، فقاد شيعة العالم، ورسى بهم إلى بَرِ الأمان، بالرغم من وقوع الفتنة(الحرب العراقية-الإيرانية) وتسلط البعث المجرم الكافر، وكان قد هيأ الدور لقيادة زمام الأمور بعده، للسيد السيستاني الذي تمكن من لملمة الصف الشيعي، بالرغم من كل المحاولات المعادية، التي حاولت إسقاط وإفشال وإبعاد التيارات الدينية الحوزوية، وفصلها عن الجماهير.
في حقبة هذه الزعامات العُليا الثلاثة، تأسس تيارٌ وطنيٌّ معارضٌ، معتدلٌ يتخذُ الوسطيةَ منهجاً، فيستطيع إحتواء الأخر، هذا التيار كان على إتصالٍ دائمٍ ومستمرٍ مع هذه الزعامات، وبقيادةٍ حكيمة وحكيميةٍ، فقد تصدى إبن المرجعية البار، السيد الشهيد محمد باقر الحكيم لزعامة هذا التيار، والذي رفع شعار جده الحسين(عليه السلام)، فقد جعل من الثورة الحسينية منهجاً، ومنطلقاً للثورة على الظالمين.
بعد الإحتلال الأمريكي للعراق 2003، وإستشهاد السيد محمد باقر الحكيم، تشظى الصف الشيعي الحركي، وبدا الإختراق واضحاً من قِبل بقايا البعث الصدامي، للصف الجهادي الثوري، فإنقسم الصف وتحول إلى تياراتٍ متعددة، وأحزابٍ ومنظماتٍ وتجمعاتٍ لا حصر لها، وتسلم الأمر مَن لم يكُ يَحلمُ بهِ يوماً! وأما من بقي على وعدهِ مع المرجعية الرشيدة، فكما قال الإمام علي(عليه السلام): "صبرت وفي العين قذى وفي الحلقِ شجى"! في خطبتهِ الشقشقية.
إستطاع السيد عمار الحكيم النهوض بواقع تيار شهيد المحراب، والإستمرار بالنهج الذي رسمتهُ الزعامات الدينية، وهو الوحيد من التيارات الذي تبنى إطروحات المرجعية الرشيدة، وإيصال طلباتهم، والمطالبةِ بتنفيذها من قِبل الجهات الحاكمة، بعد أن تنصلت جميع الأحزاب الشيعية، عن مرجعيتها، بل أرادوا تحجيمها وهاجموها جهاراً نهاراً في عدة مرات، ولم يكن المدافع عنهم وعن مطاليب الشعب، سوى هذا التيار.
بقي شئ...
ثمة من يطعن بالمرجعية الدينية ويحملها فشله، فلا غرابة أن يطعن بعد ذلك بتيار شهيد المحراب، لأن الطاعن هنا لا دين له.
https://telegram.me/buratha