قال عز من قائل:" وتلك الأيام نداولها بين الناس" آل عمران 149, ومن تلك الآية الكريمة أُخِذ قول: لكل زمان دولة ورجال, فهل لدينا رجال دولة حالياً؟ إذا أردنا أن نعرف الجواب, علينا معرفة صفات رجال الدولة, لمن يتصدى ليكون رجل دولة, وهي كما يلي, أن يكون رجل سياسة مبدع, له تماس مع الشعب الذي يحكمه, ليكون حكمه وفق احتياجات شعبه, إضافة لمقدرته على إقامة العلاقات, مع جيرانه من الدول الأخرى.
صفةٌ أخرى يجب توافرها, وهي أن تكون له رؤية واضحة, كما من الواجب عليه, أن يكون هَمُّهُ مُنْصَباً على حَلِّ المشاكل الكبيرة, الآنية أو ما قد يحدث, حسب رؤيته مستقبلية واقعية, ووضع الحلول الناجعة لها, هذه الصفات وغيرها, جاءت على شكل توصيات إلهية ونبوية, كذلك عن طريق الأئمة الأطهار, لا يمكن حصرها بمقال.
وبما أن المرجعية المباركة في النجف الأشرف, هي الإمتداد الحقيقي لخط الإمامة, فقد كانت ولازالت, تمارس عملها الشرعي والانساني, بتقويم عمل الحكومة من جهة, وتقوم بالتوصيات اللازمة للشعب, وحسب مستجدات الأحداث الداخلية والإقليمية, عند هذه النقطة الهامة, نستنتج أن من توافَقَ مع المرجعية, كي نحصل على السؤال المطروح أعلى المقال.
سنجد من خلال المتابعة أن خطاً واحداً, تتوفر فيه كل مقومات رجال الدولة, حيث السماحة والعلم, والمشاريع المستقبلية, وسياسة الاحتواء لجميع المكونات الشعبية, رافضا ممارسة الإقصاء لأي فئة, فالمعاملة لديهم على منظار الوطنية, وليس الحزبية أو الدين والمذهب والعِرق, بالرغم ساسة الصدفة, الذين لا يفهمون من السياسة غير الحكم والتسلط.
خَطُ نابع من رحم المرجعية المباركة, إنه تيار شهيد المحراب, وقادته سادة هُداة, جاهدوا في المقدمة وقدموا التضحيات, مع ذلك كله فإن أحداً, لم يؤشر منهم تكبراً على أي فئة, من فئات المعارضة, ولم يكن لهم أدنى تفكير للاستحواذ على الحكم, بعد ان سقط الصنم.
فلو عدنا لسيرة السيد شهيد المحراب "رض", سنجد أن فتوى القتال العسكري, قد أخذها من قبل السيد محمد باقر الصدر" رض", وعند العودة للوطن, قام بوضع قواعد بناء الدولة, إلا أن يد الغدر لم تمهله, فقامت باغتياله بعد أن أنهى صلاة الجمعة, وخروجه من الصحن العلوي الشريف.
لم يتوقف المشروع الوطني, حيث تبعه أخاه السيد عزيز العراق" رض", فأبدع بالحفاظ على الوحدة الوطنية, وترسيخ فكرة التحالف الوطني, وعدم التفريط به, كونه المنطلق للعمل الجماعي المشترك, بين أغلبية الشعب العراقي, مع عدم إقصاء التيارات الأخرى, إلى أن رحل لجوار ربه, وهو يوصي بوحدة العراق.
وصلت القيادة العليا للتيار الحكيمي, للسيد عمار الحكيم, فقام برفض المشاركة بحكومة ضعيفة, لعلمه اليقين أنها حكومة أزمات فاشلة, إلا أنه لم يترك النصح وإبداء المشورة, وجاهَدَ للصُلح بين الأطراف السياسية المختلفة, وتقديم المشروع تلو الآخر, رغم عدم اشتراكه بالحكم, وقلة ممثليه في البرلمان.
سأل سائل الإمام الصادق عليه السلام: لقد خرج فلان بمدرسةٍ وهو أحد طلابك, فما هو قولك فيه؟ فأجاب: لقد درس فاجتهد, فمن تَبِعَهُ فله عقله, ومن تبعنا فله عقله, فالحق بَيِّنٌ والباطل بَيِّنْ.
والشمس لا تغطى بغربال.
https://telegram.me/buratha