عمار الجادر
بعد صلاة المغرب, نحو شوارع مدينة حسينية, تلاطم في داخلي شعور لا أستطيع وصفه, فحرك في, ما كنت أسيره بطوعي, فلم أجد لتلك الساقين الميكانيكية الحركة امتثالا لإرادتي, فقادتني إلى حيث يقف الجمهور لرؤيا الشعائر الحسينية.
وقفت وكأني واقفا في رمضاء كربلاء, و أنا أرى جموع المستهزئين بركب الحسين ( عليه السلام ), فوقفت متحيرا من أمر أولئك المستهزئين, فجال في خاطري أسئلة حيرى, وتفجر في قلبي حزنا, فاض دمعا على مقلتي, وحاورت تلك المسيرات المعزية بحوار جاء نصه.
يا عير: ما بال أولائك الناس الذين يحذفونك بحجارة ألسنتهم؟! وعلى ماذا و أي ذنب اقترفتم؟! فهل هذه السلاسل التي تضربون بها أنفسكم تؤذي غيركم؟ و أنتم تلطمون الصدور هل تؤذون صدور غيركم؟ هل صحيح إنكم خرجتم عن ملتكم؟ عني: لا أرى فيما تفعلون أي خرق لأصول الدين أو فروعه! بل بالعكس فان ما تفعلون هو قطرة من بحر الحزن على المصيبة, عجبا كيف يسمح الناس لأنفسهم بأن يلطمون ويفعلون ما يفعلون على أمواتهم, حتى نرى بعضهم يصل حد الكفر بالخالق ويعترض على حكمه, ولا يسمحون لمصيبة دين بأسره أن يحضا بكل ذلك الجزع؟!
انه يقبل نحوي والناس ترشقه بالحجارة, أمره مريب وقد أصبح جسده كسجادة حمراء من الدم, ولكنها سجادة مزقها حائكها دون معرفة بصنعته, هي جروح في كل مليمترا في جسده.
ما بالك يا هذا؟! ومن أنت؟!
قال: جواب تساؤلاتك الحائرة.
هكذا تذكرت على مدى التأريخ, كيف قتل الحسين ( عليه السلام )؟ ومدى ذلك الحقد الذي دفع بقاتليه أن يسلبوا جلبابه, ويسحقوا جسده بحوافر خيلهم اللعينة, وكيف أستطاع الظلام الدامس, أن يقنع أهل الأرض بأنه أحق من النور إلى البصيرة؟ هكذا علمت بأن الفتنة أشد من القتل, و أن الحسين ( عليه السلام ) نورا يسير بسرعة الضوء, أما الظلام فلا زال يحاول إيقاف تلك السرعة, و أيقنت إن قانون الضوء لا ينتهي بل يتحول إلى طاقة, قانون صحيح مطلقا, و إلا فماذا نفسر جهد الجاهدين على إهدار تلك الطاقة؟!
الحسين ( عليه السلام ) منتصرا.
على مدار ألف ونيف من السنين, لم يكن الحسين ( عليه السلام ) شخصا قتل في معركة و انتهى, بل كان شامخا يرعب الجبابرة من جيل إلى جيل, وقد حاولوا أن يصلوا لذلك السر بشتى الطرق, فهدموا القبر الشريف وقطعوا شجرة كانت تدل الزائرين على مصدر المعجزة, وفيضوا القبر الشريف ولم يفلحوا, فرضوا الضرائب على الزيارة, حتى وصلت إلى ضريبة القتل الجماعي! وهكذا إلى اليوم يحاربون الشعائر بعد عجزهم عن نيل هدفهم, سؤال عاقل: ماذا يضركم من زيارة القبر أو أحياء الشعائر بكافة أنواعها؟!
خاتمة لبدء المسيرة: إن ما يضركم من تلكم الشعائر لأنها سر وجود المشروع, لأنها هالة الحسين ( عليه السلام ) التي إذا ما انتهت, عاث يزيد الفاجر بمقدرات الأمة فسادا, نعم علمت: إن الشعائر الحسينية ومشروع الإمام الغائب بخط واحد لن يفترقا, لذا فحربكم ضد الأمام وليس ضد هذه الشعائر.
https://telegram.me/buratha