لقد جعل الباري جل جلاله, أدواراً للرسالات السماوية, فقال عز من قائل" وما أرسلناك إلا شاهداً ومبشرا ونذيرا" الفتح 8, ثم جعل الإمامة والوصاية في أولي العلم, واختار لهم رجالاً شدادٌ غلاظٌ على الكفار.
بعد رحيل الرسول صلى الله عليه وآله, حاول المُنافقون حَرف مسار الرسالة المحمدية, فَوُضِعَ الحكم في غير أهله, وقد كان الوصي حاضراً, ليقوم بالحفاظ على الثوابت الإلهية, ذلك هو علي بن أبي طالب عليه السلام؛ الذي قال به رسول الرحمة, عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم:" ألا ترضى أن تكون مني, بمنزلة هارون من موسى", فغدر به القوم كغدر بني اسرائيل بهارون.
قام أمير المؤمنين علي عليه السلام, بتأهيل الرجال الخُلَّص للمرحلة الثانية, فكل تراث يحتاج إلى حافظين أمناء, لهم قدرة على نصر عقيدتهم, واذكر منهم, سلمان المحمدي, أبو ذر الغفاري, الاحنف بن قيس, الأصبغ بن نباته, عمار بن ياسر, حِجر بن عدي, رشيد الهجري, صعصعة بن صوحان العبدي, عبد الله بن عفيف الأزدي, مسلم بن عوسجة, وغيرهم ليكونوا سواعدا معاضدة, وأفواها صارخة بوجه الباطل.
تم تعطيل وتقليص دور آل البيت النبوي, في العصر الأموي, للاجتهادات الخاطئة, والحكم بالأهواء الشخصية والسياسية, مما سبب أوضاعاً سيئة, من التخلف والإحباط, فحاول الأئمة عليهم السلام, أن يعيدوا الحق إلى نصابه, وخير مثال على ذلك, هو دور الأئمة الثلاث, علي وولديه الحسن والحسين عليهم السلام, فتسلم الوصي الإمام الأول القيادة الفعلية, فحارب المارقين والقاسطين, إلى أن اغتيل في شهر رمضان ليلة القدر.
تصدى الإمام الحسن عليه السلام, بعد ذلك اول خلافته, ليوطد في الاتفاق بينه وبين معاوية, حق آل البيت بالخلافة, فيكون ولي العهد, فإن وافاه الأجل, يكون الأمر للحسين عليه السلام, وقد رسخ بذلك السعي, لإذكاء التضحية لواقعة كربلاء, ونصرة الحسين عليه السلام, إلى أن دُسَّ له السم, على يد زوجته جعدة بن الشعث.
بعد ممات معاوية, الذي نقض العهد, بوصيته للخلافة من بعده ليزيد ابنه, المعروف عند كافة المسلمين, بشربه الخمر وملاعبة القرود, ولهوه مع الغلمان, فأرسل يزيد للحسين عليه السلام, طالبا بيعته وإن لم يفعل, فَيُقتل ولو كان معلقا بأستار الكعبة, ليخرج أبي عبد الله قاصداً الكوفة, بعد ان أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل عليه السلام.
أثناء سير الحسين وعياله, اعترضهم الحر بن يزيد الرياحي, وجانبهم إلى أن وصلوا أرض كربلاء, ليجتمع جيش قوامه عشرات الآلاف, ويحيط بمعسكر الحسين عليه السلام, الذي لم يكن سوى أكثر من المائة بقليل؛ هذا الجيش المؤمن, يجمع ما بين إخوته من أبيه, وولده وولد أخوته, وأصحابه الخلص.
فقضى شهيداً مع كل من حارب معه, لِيُذكي مع تلك النخبة المؤمنة بالحق, روح التضحية والفداء, ورفض الظلم والطغيان, فأصبحوا نبراساً للثوار, وعنواناً للنيل الحرية, وحفظ الخط الاسلامي الأصيل, وعنوانه نصرة آل البيت عليهم السلام, بالغالي والنفيس.
ذلك ما قدمه الصحابة, لفهمهم ووعيهم للرسالة المحمدية, والثورة الحسينية, فلو وعى مجتمعنا ساسة وحكاماً وشعوباً, معنى تلك الثورة, لما وصل المسلمين في أصقاع الأرض, لهذه الحال المزرية, من الظلم والتقاتل والفساد.
خرج الحسين عليه السلام, مصلحا لما أفسده بنو امية, وما أمَسَّنا الان إلى منادٍ بالإصلاح, لتعزيز قول الباري عز وجل{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" آل عمران - 110
https://telegram.me/buratha