مؤكد أن الخسارة الكبيرة والمؤلمة تتجذر في خسارة الانسان لإنسانيته في التعامل مع أخيه الانسان ,ويصبح أسير نفسه لغرائز ونزوات وشهوات جامحة ليس لها حدود تحركه المنفعة والمصلحة الشخصية هي المعيار الرئيسي في عمله في السلك الوظيفي ضمن أطار المؤسسة التي يعمل بها ,من الطبيعي والسهل جداً على الشعوب والأمم وحكوماتهم وباختلاف انتماءاتهم ان تنهض عمرانياً بأعمار بلدانهم وتشمرالسواعد لتشيد أروع وأضخم ناطحات السحاب والجسور العملاقة والمباني الفارهة وغيرها من متطلبات الحياة التقنية العلمية والتقدم التكنولوجي لبناء الحضارة ,
لكن الصعوبة تكمن في أعداد الانسان الذي فقد الإحساس والشعور بالانتماء للوطن بسبب ظروف قاهرة جعلته يعتنق مفاهيم جديدة ورؤى وأفكار ثقافية تبناها على أساس مفهوم خاطئ والمشكلة انها أصبحت جزء مهم من كيانه وحياته ,هي نظريات جديدة طرحت نفسها لأسباب قد تكون سياسية او أخلاقية واقتصادية حولت الفساد من عمل مشين وسلوك في انحراف اخلاق المرء لتفسخ في المنظومة القيم الأخلاقية لديه وإعطاؤها مسمى جديدة بأنها (شطارة) وتحويل الظلام الى نور رغم انه ظلام والرؤية معدومة فيه لتوحي للقائم بالجرم القبيح بان الواقع يمضي ويسير بهذا الاتجاه ,والفساد في اللغة هو العطب وخروج الشيء عن الاعتدال ونقيضه الإصلاح ، اصطلاحاً عرفته منظمة الشفافية الدولية والتي مقرها برلين (سوء استغلال السلطة من اجل تحقيق مكاسب شخصية ) والأديان السماوية جميعها نبذت وحرمة الممارسة لهذا الفعل المشين فضلاً عن الااحاديث التي وردت عن الرسول محمد (ص)والتي كانت بمثابة خطوط حمراء بالابتعاد عنه واللعنة على الراشي والمرتشي والمفسدين في الأرض،
وتشير الدراسات أن الأقوام التي استوطنت ارض العراق(حضارة وادي الرافدين) وهي من أولى الحضارات في العالم قد عرفت ظاهرة الفساد, وجرائم الظاهرة في القوانين التي عرفتها( أوروك )(وأور نمو ) في الألواح السومرية ومحاضر جلسات مجلس ( أرك ),كما إن الوثائق التي عثر عليها تعود بتأريخها إلى الإلف الثالث قبل الميلاد تبين أن "المحكمة الملكية" آنذاك كانت تنظر في قضايا الفساد مثل استغلال النفوذ,استغلال الوظيفة العامة,قبول الرشوة وإنكار العدالة,حتى أن قرارات الحكم كانت تصل إلى حد الإعدام,فتأثير الفساد على المنظومة الاجتماعية والثقافية سيحدث بالتأكيد خلل في بناء الأسرة والمجتمع وتقبل المواطن والموظف الفساد اسلوباً في العمل وطريقة للحصول على المزايا والمأرب المادية وجد المنصب اقصر الطرق للحصول على مايريده وكذلك عدم ادراكه ولضعف فهمه بان الوظيفة هي تكليف وليس تشريف فوجوده في منصب ما لايعني استباحة حرمة القانون والضوابط والتعليمات فهو مؤتمن عليه ومحافظته على المال العام ,فدور المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية مطالبة اليوم اكثر من السابق بان تنتهج خططاً جديدة لهذه الثقافة البغيضة بوضع دروس تبدأ بمعالجة الظاهرة في مراحلها الأولى انطلاقاً من المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتحت اسم (ثقافة النزاهة والفساد) ومروراً بتخصيص قسم (للنزاهة )في الجامعات والمعاهد أسوة بباقي الأقسام الموجودة،وانتهاءاً بوزارة الثقافة بإعداد أفلام ومسرحيات ومؤتمرات وكرنفالات شعرية توضح اثر هذه الآفة التي أضيفت لآفة الإرهاب ،والإيعاز للكتاب بتأليف القصص وطبعها وتوزيعها على المدارس ضمن حملة توعية مستمرة،فالجميع عليهم المسؤولية ولا استثناء لأي فرد من التهرب انه الطارق على الباب دون أستأذآن غير المرحب فيه .
https://telegram.me/buratha