المقالات

المواطن .... وعقدة الفساد.

1058 22:02:21 2015-09-27

لا تزال ثقافة ألامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية اتجاه الفرد لذاته ومع الآخرين ،تسيطر بشكلاً أو بآخر على سلوكه خلال معاملاته اليومية سواء كان موظفاً أومواطناً،وتحت شعارات وعناوين ومسميات عديدة بثقافة هجينة تنطلق من كلمات (شعلية ،ومعلية ،وشلي شغلة ) أو لم يقل الرسول الأكرم (ص):(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ،وقول سيد البلغاء والحكماء علي (ع) (إياكم وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم ) الجميع تقع عليه مسؤولية بناء الدولة ،فالدولة المدنية الحديثة يشترك جميع أفراد المجتمع في بناؤها وحمايتها ،فرئيس الجمهورية ،ورئيس الوزراء،والوزراء ،ومجلس النواب،لا يمكن لهم النهوض بكل متطلبات توفير الدولة وتامين استقرارها ،

فالمواطن في النظم الديمقراطية هو المشارك الفاعل والمؤثر في عملية البناء والاستقرار والحفاظ على ممتلكات الدولة من العبث وعدم الأضرار بها ,والمشاركة في محاربة الفساد والمفسدين الذين يعيثون بالأرض فساداً لينشروا فوضى الخراب والدمار في دولة تحبو نحو الطريق للديمقراطية ،ولعل فلسفة عدم رضا المواطن من وطنه وتركه يستغيث بأولاده دون جدوى ليست وليدة اليوم لنحكم على المواطن بأنه لا يحب وطنه وأرضه ،لأن المجتمع العراقي وعلى مر العصور والدهور تعاقبت على حكمه أنظمة حكمت البلد بالحديد والنار وأحلت لنفسها كل شيء وبددت مقدرات الشعب بدم بارد ،وسعت عن قصد باختزال الوطن بحقوقه وواجباته بيد الحاكم وحاشيته وصنفت المجتمع لطبقات وغيبت العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع ، ليفرز لنا ثقافة الحقد الكراهية ضد الدولة التي تحولت بكل مفاهيمها بأشخاص معينين على رأسهم (الصنم ) وأصبح المواطن ينظر لدولته بأنها العدو الأول له ولمعاناته،ويسعى جاهدا ليغتنم الفرصة للإطاحة بها والنيل منها،

فعقلية المعارضة التي نشا عليها منذ الصغر كانت بسبب غياب وعدم وجود المفهوم السياسي الحقيقي للمواطنة والذي يعتمد على الحقوق والواجبات للعلاقة المشتركة بين الأول والثاني،فضلاً عن غياب الحقوق المدنية والمتمثلة بحرية الرأي والتعبير والتنقل من مكان لأخر والحصول على المعلومة ،والحرية السياسية التي تسمح لأي فرد بالمشاركة السياسية في بناء منظومة الحكومة من خلال حرية التصويت لمن يجده مناسبا في حمل المسؤولية وحقه في الترشيح لأي منصب سياسي او حكومي، والحقوق الاجتماعية المتجسدة بتوفير حياة معيشية لائقة وتقديم الخدمات الضرورية ،والحقوق الثقافية التي تعني احترام حق الإفراد في التعبير عن خصوصيته الثقافية بكل حرية دون المساس بحرية الآخرين ،هذه الحقوق وغيرها لم تكن موجودة بسبب سطوة النظام الفاشي،

والسؤال هو نفسه يسأله للمواطن لماذا نحارب ونكافح الفساد والحقوق مغيبة ومعدومة ؟ولعل ما حدث بعد سقوط جمهورية الخوف من حالات للسلب والنهب والتجاوز على ممتلكات الدولة وإلحاق الضرر بالمال العام ما هو الا دليل يؤكد رفض المواطن للمواطنة التي يعيشها والتي رسمها الطاغوت ليمسخ هويته ،فالمواطنة لا تتحقق آلا بتساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وتتاح للجميع نفس الفرص ،وهذا يعني ان الجميع متساوون أمام القانون ،فالتعايش والشراكة من العناصر والمرتكزات الأساسية التي يفترض توفرها بين المشتركين في الانتماء الوطن ,يحدث الخلل والاهتزاز عندما يشعر الفرد بالحيف والحرمان وتنغلق أبواب الأنصاف والعدل أمامه ،ويصبح متمردا على قيم المواطنة ،ويكون بمثابة قنبلة قابلة للانفجار، فالوطن الذي يجبر أن يعيش مواطنيه التمايز والتفرقة بتعددية أصولهم ، وانتماءاتهم الثقافية والسياسية ،وعقائدهم الدينية لا يمكن أن يحقق الضمان في وحدته واستقراره , الا بوجود مبدأ المواطنة التي ترتكز على منظومة سياسية واجتماعية وأخلاقية وقانونية متكاملة ,أن طريق الديمقراطية وانتقال السلطة بالشكل السلمي عن طريق الاقتراع في الصناديق التي تحدد الوصول للسلطة هي الخيار الوحيد في تأسيس ثقافة حب الوطن في نفوس مواطنيه ،فقد نصت المادة (20) من دستور جمهورية العراق(للمواطنين رجالا ونساء وحق المشاركة في الشؤون العامة ،والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح ) والمادة (13) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أكدت على دور المجتمع في التصدي والمحاربة لهذا المرض الخبيث ،

والمشاركة لا تعني الانتخاب فقط وترك المسؤول دون محاسبة ومراقبة فتقويمه أن وجد الخطأ والنقد البناء للحياة السياسية والإخبار عن حالات الفساد التي يشخصها في مؤسسات الدولة هي مسؤولية إنسانية شرعية ووطنية ،فكل الأديان السماوية وقفت موقفاً صارماً من الفساد وأنزلت أقصى العقوبات بحق مرتكبيه وحقرت من قيمته لان الفساد لا يستهدف جزء معين وإنما يمتد ليشمل بناء الأسرة وينتج لنا مجتمع غير متماسك وحكومة ضعيفة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك