النهضة كمصطلح نتناوله لا نقصد منه الحضارة بشكلها الخليجي الموجود على ارض الواقع الان ( التجربة الخليجية ) ، كونها حالة حضارية خالية من الروح ، ولا تشكل حضارة بالمعنى الدقيق للكلمة ، كون هذه الدول تمثل جزء من عالم الأشياء ( تقسم العوالم الى ثلاث ، الافكار ، الأشخاص ، الأشياء ) ، فحين استوردت هذه الدول الحالة الحضارية من أوربا لم تستورد الافكار والاليات والوسائل المؤدية الى التقدم ، وانما استوردت المنتجات الجاهزة ، وهذا النوع من النهضات يمكن تسميته ب( النهضة الاستعبادية ) ، لكونها جعلت هذه البلدان تحت رحمة من صدر لها ما سبق ( القوة الناعمة الغربية ) .
فالحضارة بمعناها الواسع هي نتاج الفعل المنطلق من روح وثقافة وقيم المجتمع ذاته ، اي هي الوجه الاخر لما يجري من تفاعلات داخل اروقة ومقاهي المجتمع غير التفاعلات والعمليات السياسية التي تعتبر النتيجة الحتمية للتفاعل المذكور آنفا ً ، مما معناه اننا بحاجة الى عرقنة نهضتنا ( اذا ما نهضنا ) ان أردنا ان نكون احرار .
أسلفنا بالحديث ان التغييرات والتفاعلات السياسية هي نتيجة او بنية فوقية ناتجة عن تفاعلات البنية التحتية ( المجتمعية ) ، ولكنها قد تكون عائقا ً في نفس الوقت لهذه النهضة ، ففي هذه الحالة نحتاج الى الفصل بين التفاعلات المجتمعية والتفاعلات السياسية قدر الإمكان ( وان كان ذلك صعبا ً بعض الشيء ) حتى لا نجعل الاخيرة محور الفعل المجتمعي .
وما ذُكر هو محاولة لأخذ فكرة الفصل الغربية ( القائمة على فصل الدين عن الدولة ) وإعادة طرح نظرية الفصل برؤية اخرى قائمة على فصل المتغيرات الحاصلة في البنية الفوقية " السياسية " المتجهة نحو الهاوية ، عن تفاعلات المجتمع الاخرى وعدم ربطها ذاتيا ً بها ، فنكون قد حصنا المجتمع من المؤثرات السلبية في حالة التراجع السياسي ونكون غير متراجعين بالضرورة في الجوانب الاخرى ، فيستمر تقدم المجتمع ( وأن كان بطيئا ً ) بغض النظر عن الصراع الحاصل على السلطة .
https://telegram.me/buratha