المقالات

النزعة الاستهلاكية خطرة دون النزعة الانتاجية

2094 17:00:39 2015-09-18

العراق ليس البلد الريعي الوحيد الذي يعتمد في موازنته وموارده على النفط.. فمعظم البلدان النفطية المحيطة بالعراق كالدول الخليجية وايران مشابهة من هذه الزاوية لاوضاع العراق.. الفارق هو ان النزعة الانتاجية تتراجع عندنا بينما تسعى تلك الدول لزيادتها في بلدانها.

فبات العراق مستورداً من الدول المجاورة الاقل مؤاتاة من ناحية الموارد الطبيعية لسلع كالحليب والماء والاجبان والتمور والفواكه والخضروات والحاجيات المنزلية كالاثاث والادوات المطبخية والشخصية كالاقمشة والملابس والاحذية، وبعض الاجهزة الصناعية، بل استطاعت ايران ان توجد لنفسها سوقاً مهمة في العراق لتصدير الماركات الايرانية من السيارات.

تعتمد نماذج الدول النفطية الخليجية على تشجيع الاستثمارات الوطنية والاجنبية وفتح كافة المجالات للاستثمار وجلب ارقى المعامل واكثرها تقدماً، واقامة افضل المزارع والمراعي، وجذب السواح والمحافل الدولية، واقامة المؤتمرات العالمية والاقليمية، وتنظيم اعلى اشكال الورش والدورات التدريبية، وارسال عشرات الاف الطلاب سنوياً للحصول على اعلى الشهادات والتقنيات، اضافة لاستثمار مئات مليارات الدولارات في مشاريع واستثمارات خارج البلاد.. صحيح ان نموذج الدول الخليجية خاص لاسباب عديدة منها طبيعة العمالة الاجنبية والطبيعة السكانية، لكنها تجربة يمكن التعلم منها كثيراً خصوصاً في اطار تحديث الادارات وترشيدها وفقاً للمعايير العالمية، وتقليل الاعتماد على القطاع العام لمصلحة الاستثمارات والقطاع الخاص.. ففي الامارات مثلاً خفض عدد الموظفين الى العُشر تقريباً، واخذت الدولة تتعاقد وتشتري الخدمات بدل ان تقوم هي بها، موفرة بذلك اموالاً عظيمة، وخدمات افضل، وفساداً اقل.. فدول الخليج النفطية هي من اكثر الدول استهلاكية ايضاً، لكنها باتت بالمقابل دولاً تتقدم في مجال الانتاج والاستثمار، واحدى الادلة لذلك، اننا بتنا دولة مستوردة من هذه الدول بعد ان كنا دولة مصدرة لها.

اما النموذج الايراني كبلد نفطي، والذي يشكل ناتجه الوطني الاجمالي 406 مليار دولار في 2014، وهو الثاني في المنطقة بعد السعودية، فان سيطرة الدولة ما زالت كبيرة لتصل الى 50-60% من الاقتصاد، لكن صلاحيات غير قليلة تعطى للمؤسسات الرسمية للمبادرة او لتشكيل الشركات المرتبطة بها والتي تستطيع التصرف بمرونة اعلى من البيروقراطيات عندما تسود، بشكل مطلق.. كما ان قوانين الملكية وتأسيس الشركات والمصارف والمصالح الخاصة والاستثمار في الخارج ونزعة العمل والانتاج تجد تشجيعاً كبيراً من قبل المجتمع والدولة على حد سواء. لذلك استطاعت ايران توفير الحاجيات الزراعية والصناعية والاستهلاكية والخدمية، بل تقوم بتصديرها في الاسواق الاقليمية والدولية، رغم انخفاض موارد النفط ليس فقط بسبب انخفاض الاسعار بل ايضاً بسبب الحصار والعقوبات.

ان استمر العراق بالتركيز على الانتاج النفطي على حساب انتاج القطاعات الحقيقية الزراعية والصناعية والخدمية، الخ.. وان استمر التركيز على الاستهلاك والمزيد من الاستهلاك، فان الازمة الحالية لن تكون الازمة الاخيرة، بل سنواجه ازمات اخطر واشد لن تتحملها البلاد.  
عادل عبد المهدي
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك