أن الثورة التي عمت أغلب المحافظات العراقية جاءت مطالبة بالإصلاح لجميع الأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية والخدمية التي أصابها على مدى 12 عام الترهل والفساد مما سبب إلى ضياع المال العام العراقي وسرقته وهدره من قبل من تولى على إدارة الحكومة وخاصة في زمن حكومة المالكي والتي سببت دمار البلاد والعباد .
نؤكد على ضرورة التجاوب مع التظاهرات الوطنيّة باعتبارها مظهراً ديمقراطيّاً، والتفاعل مع المطالب المشروعة التي تـُعبِّر عن حاجات الشعب، ودعم الإصلاحات المُقدَّمة من قِبَل الحكومة، ومنحها المُدّة الكافية لتحقيق هذه الإصلاحات، على الرغم من التحدِّيات التي تواجه البلد خـُصُوصاً انخفاض أسعار النفط، ممّا يقتضي زيادة مصادر دخل الدولة من خلال تنوُّع هذه المصادر، وكذلك تشجيع القطاع الخاصّ والنـُهُوض به.
لقد ركب الموجة بعض من يريد أن يحل البرلمان وإسقاط النظام السياسي برمته ، وإبعاد جميع الأحزاب السياسية وخاصة الأحزاب الإسلامية من الساحة السياسية . وبعيدا عن كل الانتماءات فان تلك الخطابات فارغة وغير واقعية ، وهو الدفع بالبلد نحو الهاوية .
نجد ان الذي يتحدث بتلك المطالب هي قوى فقدت مكانتها في الشارع العراقي وتريد اليوم ان تتسلق تلك التظاهرات السلمية العفوية عسى ان تحقق بعض ما تصوب اليه بعد ان عجزت على مدار 12 عام أن تقنع الجماهير ببرامجها .فنراهم يتحدثون نيابة عن جميع أبناء الشعب .
أن المطالبة بإسقاط النظام السياسي دعوة ساذجة ومخالفة للمسار الديمقراطي وللدستور الذي صوت له أكثر من 11 مليون عراقي . وان الذين يدعون إلى ذلك لم يقدموا أي بديل سياسي واقعي يمكن أن يملئ الفراغ السياسي .
أن أمام الجماهير هو خيار واحد لا خيارين ، هو خيار الإصلاح وليس خيار التغيير للنظام السياسي ، فأن اختاروا التغيير فمن يكون البديل ؟!! داعش أو حزب البعث أو الفوضى .نعم نقول هناك أخطاء ويجب أن يتم أصلاحها وعدم تجاهلها وفق منهج مدروس يجمع عليه الجميع وليس ضمن أجندات ومشاريع خيالية واقصائية .
لقد دعت المرجعية الدينية إلى مكافحة الفساد وإصلاح المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العامة ، وأكدت على وضع حلول جذرية لمشاكل المواطنين التي صبروا عليها طويلا ، ودعت المسؤولون من القيام بالعملية الإصلاحية ، واتخاذ قرارات جرئيه تكون مقنعة للشعب العراقي وحذرت أكثر من مرة من عواقب التسويف .
أن الطبقة السياسية التي وصلت السلطة عبر صناديق الانتخاب والتي يشوبها أحيانا التزوير كان عليها أن تدير البلد بصورة صحيحة ولكن للأسف الشديد جرت الأمور بغير ذلك ووصلوا بالبلد إلى الأوضاع المزرية التي تنذر بخطر جسيم .
إن سبب تدهور وضع البلاد هو السياسيين الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية والتي ألت إليها الأمور ، فإنّ كثيراً منهم لم يراعوا المصالح العامّة للشعب العراقي بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية والعرقية، فتقاسموا المواقع والمناصب الحكومية وفقاً لذلك لا على أساس الكفاءة والنزاهة والعدالة، ومارسوا الفساد المالي وسمحوا باستشرائه في المؤسسات الحكومية على نطاق واسع، فأدّى ذلك كله إلى سوء الأوضاع الاقتصادية وتردّي الخدمات العامة.
إن الإسراع في خطوات الإصلاحية وتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد المستشري في مختلف مؤسسات الدولة ولاسيما المؤسسات العسكرية هو الحل الأمثل الذي يخرج البلاد من الضياع والتقسيم ، وإذا لم يتحقق ذلك فان من المتوقع أن تسوء الأوضاع أزيد من ذي قبل وربما تنجر إلى مالا يتمناه أي عراقي محب لوطنه .
https://telegram.me/buratha